عيسو ... بائع البكورية</SPAN>
مُلاحظين لئلا يخيب أحد من نعمة الله ... لئلا يكون أحد زانياً أو مستبيحاً كعيسو الذي لأجل أكلة واحدة باع بكوريته
(عب12: 15،16)
</SPAN>عيسو هو الأخ التوأم ليعقوب، وقبل ولادتهما حدث صراع بينهما (تك25: 22)، صورة للصراع الكائن بين الجسد والروح (غل5: 17). وقد وُلد عيسو أولاً ثم يعقوب. بحسب القاعدة التي وضعها الروح القدس « ليس الروحاني أولاً بل الحيواني (أو الطبيعي) وبعد ذلك الروحاني » (1كو15: 46).
وعند ولادته كان عيسو كله كفروة شعر ولونه أحمر، ولذلك دُعيَ اسمه « عيسو« أي « مُشعر » أو « كثيف الشعر » (تك25: 25). والشعر في الكتاب يكلمنا عن قوة الإنسان الطبيعي ونتاج الطبيعة العتيقة (قارن لا14: 9).
وأول ما نقرأ عن عيسو أنه باع بكوريته بأكلة عدس، لذلك قيل عنه في العهد الجديد إنه « مُستبيح » لأنه لم يقدِّر عطية الله. وبعد ذلك طلب البركة بالدموع، ولكن لم يجد تراجعاً من جانب أبيه إسحاق (عب12: 16،17).
إنه لم يبكِ عند ضياع البكورية وامتيازاتها، لكنه بكى عندما حُرم من بركة أبيه. ويا له من تناقض غريب! إنه يقدِّر بركة الإنسان مفضلاً إياها على بركة الله. لقد كان رجلاً دنيوياً، مُستهيناً بمقدسات الله، أو « لا مقدسات في حياته » كما تعني كلمة « مُستبيح » في أصلها اللغوي. كان رجلاً أعمى عن جميع القيم الروحية في الحياة. ومثل هذا الرجل لا معنى للبكورية عنده، إذ أن البكورية كانت تتضمن بركات روحية؛ فكانت تمنح صاحبها أن يكون رأس العائلة وممثلها أمام الله، وأن يكون كاهنها الذي يتقدم بالذبائح عنها أمام المذبح الإلهي، وأن يكون مستودعاً للإعلانات الإلهية وناقلها إلى عائلة الإيمان، وأن يرث نصيباً مُضاعفاً من ميراث أبيه (تث21: 15-17). وكان له شرف وراثة المواعيد والعهود التي قُطعت لإبراهيم وإسحاق، وأهمها أن يأتي من نسلهما المسيا فادي البشرية الذي فيه تتبارك جميع أمم الأرض (تك22: 18؛ 26: 4). ولكن جميع هذه القيم الروحية كانت بلا معنى أو مذاق أمام عيسو، إنه يتعامل مع الأشياء المقدسة باستخفاف كما لو كانت قليلة الأهمية. وهو مُغلق العين والقلب بالنسبة لها جميعاً، وأقل ما في الحاضر لهو أفضل عنده من كل انتظارات المستقبل. ومن ثم كانت البكورية الممنوحة له لا معنى لها ما دامت ترتبط بمستقبل قريب أو بعيد. فيا للاستباحة!!