الأصحَاحُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ
1فَلَمَّا قَدِمَ فَسْتُوسُ إِلَى الْوِلاَيَةِ صَعِدَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. 2فَعَرَضَ لَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ وَوُجُوهُ الْيَهُودِ ضِدَّ بُولُسَ، وَالْتَمَسُوا مِنْهُ 3طَالِبِينَ عَلَيْهِ مِنَّةً، أَنْ يَسْتَحْضِرَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَهُمْ صَانِعُونَ كَمِينًا لِيَقْتُلُوهُ فِي الطَّرِيقِ. 4فَأَجَابَ فَسْتُوسُ أَنْ يُحْرَسَ بُولُسُ فِي قَيْصَرِيَّةَ، وَأَنَّهُ هُوَ مُزْمِعٌ أَنْ يَنْطَلِقَ عَاجِلاً. 5وَقَالَ:«فَلْيَنْزِلْ مَعِي الَّذِينَ هُمْ بَيْنَكُمْ مُقْتَدِرُونَ. وَإِنْ كَانَ فِي هذَا الرَّجُلِ شَيْءٌ فَلْيَشْتَكُوا عَلَيْهِ».
6وَبَعْدَ مَا صَرَفَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ انْحَدَرَ إِلَى قَيْصَرِيَّةَ. وَفِي الْغَدِ جَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ وَأَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِبُولُسَ. 7فَلَمَّا حَضَرَ، وَقَفَ حَوْلَهُ الْيَهُودُ الَّذِينَ كَانُوا قَدِ انْحَدَرُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ، وَقَدَّمُوا عَلَى بُولُسَ دَعَاوِيَ كَثِيرَةً وَثَقِيلَةً لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُبَرْهِنُوهَا. 8إِذْ كَانَ هُوَ يَحْتَجُّ:«أَنِّي مَا أَخْطَأْتُ بِشَيْءٍ، لاَ إِلَى نَامُوسِ الْيَهُودِ وَلاَ إِلَى الْهَيْكَلِ وَلاَ إِلَى قَيْصَرَ». 9وَلكِنَّ فَسْتُوسَ إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُودِعَ الْيَهُودَ مِنَّةً، أَجَابَ بُولُسَ قِائِلاً:«أَتَشَاءُ أَنْ تَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِتُحَاكَمَ هُنَاكَ لَدَيَّ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ؟» 10فَقَالَ بُولُسُ:«أَنَا وَاقِفٌ لَدَى كُرْسِيِّ وِلاَيَةِ قَيْصَرَ حَيْثُ يَنْبَغِي أَنْ أُحَاكَمَ. أَنَا لَمْ أَظْلِمِ الْيَهُودَ بِشَيْءٍ، كَمَا تَعْلَمُ أَنْتَ أَيْضًا جَيِّدًا. 11لأَنِّي إِنْ كُنْتُ آثِمًا، أَوْ صَنَعْتُ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ، فَلَسْتُ أَسْتَعْفِي مِنَ الْمَوْتِ. وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا يَشْتَكِي عَلَيَّ بِهِ هؤُلاَءِ، فَلَيْسَ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُسَلِّمَنِي لَهُمْ. إِلَى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَايَ!». 12حِينَئِذٍ تَكَلَّمَ فَسْتُوسُ مَعَ أَرْبَابِ الْمَشُورَةِ، فَأَجَابَ:«إِلَى قَيْصَرَ رَفَعْتَ دَعْوَاكَ. إِلَى قَيْصَرَ تَذْهَبُ!».
13وَبَعْدَمَا مَضَتْ أَيَّامٌ أَقْبَلَ أَغْرِيبَاسُ الْمَلِكُ وَبَرْنِيكِي إِلَى قَيْصَرِيَّةَ لِيُسَلِّمَا عَلَى فَسْتُوسَ. 14وَلَمَّا كَانَا يَصْرِفَانِ هُنَاكَ أَيَّامًا كَثِيرَةً، عَرَضَ فَسْتُوسُ عَلَى الْمَلِكِ أَمْرَ بُولُسَ، قَائِلاً:«يُوجَدُ رَجُلٌ تَرَكَهُ فِيلِكْسُ أَسِيرًا، 15وَعَرَضَ لِي عَنْهُ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَمَشَايِخُ الْيَهُودِ لَمَّا كُنْتُ فِي أُورُشَلِيمَ طَالِبِينَ حُكْمًا عَلَيْهِ. 16فَأَجَبْتُهُمْ أَنْ لَيْسَ لِلرُّومَانِيِّينَ عَادَةٌ أَنْ يُسَلِّمُوا أَحَدًا لِلْمَوْتِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ مُواجَهَةً مَعَ الْمُشْتَكِينَ، فَيَحْصُلُ عَلَى فُرْصَةٍ لِلاحْتِجَاجِ عَنِ الشَّكْوَى. 17فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَى هُنَا جَلَسْتُ مِنْ دُونِ إِمْهَال فِي الْغَدِ عَلَى كُرْسِيِّ الْوِلاَيَةِ، وَأَمَرْتُ أَنْ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ. 18فَلَمَّا وَقَفَ الْمُشْتَكُونَ حَوْلَهُ، لَمْ يَأْتُوا بِعِلَّةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّا كُنْتُ أَظُنُّ. 19لكِنْ كَانَ لَهُمْ عَلَيْهِ مَسَائِلُ مِنْ جِهَةِ دِيَانَتِهِمْ، وَعَنْ وَاحِدٍ اسْمُهُ يَسُوعُ قَدْ مَاتَ، وَكَانَ بُولُسُ يَقُولُ إِنَّهُ حَيٌّ. 20وَإِذْ كُنْتُ مُرْتَابًا فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ هذَا قُلْتُ: أَلَعَلَّهُ يَشَاءُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَيُحَاكَمَ هُنَاكَ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ؟ 21وَلكِنْ لَمَّا رَفَعَ بُولُسُ دَعْوَاهُ لِكَيْ يُحْفَظَ لِفَحْصِ أُوغُسْطُسَ، أَمَرْتُ بِحِفْظِهِ إِلَى أَنْ أُرْسِلَهُ إِلَى قَيْصَرَ». 22فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِفَسْتُوسَ: «كُنْتُ أُرِيدُ أَنَا أَيْضًا أَنْ أَسْمَعَ الرَّجُلَ». فَقَالَ: «غَدًا تَسْمَعُهُ».
23فَفِي الْغَدِ لَمَّا جَاءَ أَغْرِيبَاسُ وَبَرْنِيكِي فِي احْتِفَال عَظِيمٍ، وَدَخَلاَ إِلَى دَارِ الاسْتِمَاعِ مَعَ الأُمَرَاءِ وَرِجَالِ الْمَدِينَةِ الْمُقَدَّمِينَ، أَمَرَ فَسْتُوسُ فَأُتِيَ بِبُولُسَ. 24فَقَالَ فَسْتُوسُ:«أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ وَالرِّجَالُ الْحَاضِرُونَ مَعَنَا أَجْمَعُونَ، أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ هذَا الَّذِي تَوَسَّلَ إِلَيَّ مِنْ جِهَتِهِ كُلُّ جُمْهُورِ الْيَهُودِ فِي أُورُشَلِيمَ وَهُنَا، صَارِخِينَ أَنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَعِيشَ بَعْدُ. 25وَأَمَّا أَنَا فَلَمَّا وَجَدْتُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ، وَهُوَ قَدْ رَفَعَ دَعْوَاهُ إِلَى أُوغُسْطُسَ، عَزَمْتُ أَنْ أُرْسِلَهُ. 26وَلَيْسَ لِي شَيْءٌ يَقِينٌ مِنْ جِهَتِهِ لأَكْتُبَ إِلَى السَّيِّدِ. لِذلِكَ أَتَيْتُ بِهِ لَدَيْكُمْ، وَلاَ سِيَّمَا لَدَيْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ، حَتَّى إِذَا صَارَ الْفَحْصُ يَكُونُ لِي شَيْءٌ لأَكْتُبَ. 27لأَنِّي أَرَى حَمَاقَةً أَنْ أُرْسِلَ أَسِيرًا وَلاَ أُشِيرَ إِلَى الدَّعَاوِي الَّتِي عَلَيْهِ».
الأصحَاحُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ
1فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِبُولُسَ:«مَأْذُونٌ لَكَ أَنْ تَتَكَلَّمَ لأَجْلِ نَفْسِكَ». حِينَئِذٍ بَسَطَ بُولُسُ يَدَهُ وَجَعَلَ يَحْتَجُّ:
2«إِنِّي أَحْسِبُ نَفْسِي سَعِيدًا أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ، إِذْ أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَحْتَجَّ الْيَوْمَ لَدَيْكَ عَنْ كُلِّ مَا يُحَاكِمُنِي بِهِ الْيَهُودُ. 3لاَ سِيَّمَا وَأَنْتَ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْعَوَائِدِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي بَيْنَ الْيَهُودِ. لِذلِكَ أَلْتَمِسُ مِنْكَ أَنْ تَسْمَعَنِي بِطُولِ الأَنَاةِ. 4فَسِيرَتِي مُنْذُ حَدَاثَتِي الَّتِي مِنَ الْبُدَاءَةِ كَانَتْ بَيْنَ أُمَّتِي فِي أُورُشَلِيمَ يَعْرِفُهَا جَمِيعُ الْيَهُودِ، 5عَالِمِينَ بِي مِنَ الأَوَّلِ، إِنْ أَرَادُوا أَنْ يَشْهَدُوا، أَنِّي حَسَبَ مَذْهَبِ عِبَادَتِنَا الأَضْيَقِ عِشْتُ فَرِّيسِيًّا. 6وَالآنَ أَنَا وَاقِفٌ أُحَاكَمُ عَلَى رَجَاءِ الْوَعْدِ الَّذِي صَارَ مِنَ اللهِ لآبَائِنَا، 7الَّذِي أَسْبَاطُنَا الاثْنَا عَشَرَ يَرْجُونَ نَوَالَهُ، عَابِدِينَ بِالْجَهْدِ لَيْلاً وَنَهَارًا. فَمِنْ أَجْلِ هذَا الرَّجَاءِ أَنَا أُحَاكَمُ مِنَ الْيَهُودِ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ. 8لِمَاذَا يُعَدُّ عِنْدَكُمْ أَمْرًا لاَ يُصَدَّقُ إِنْ أَقَامَ اللهُ أَمْوَاتًا؟ 9فَأَنَا ارْتَأَيْتُ فِي نَفْسِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ أَصْنَعَ أُمُورًا كَثِيرَةً مُضَادَّةً لاسْمِ يَسُوعَ النَّاصِرِيِّ. 10وَفَعَلْتُ ذلِكَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ، فَحَبَسْتُ فِي سُجُونٍ كَثِيرِينَ مِنَ الْقِدِّيسِينَ، آخِذًا السُّلْطَانَ مِنْ قِبَلِ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ. وَلَمَّا كَانُوا يُقْتَلُونَ أَلْقَيْتُ قُرْعَةً بِذلِكَ. 11وَفِي كُلِّ الْمَجَامِعِ كُنْتُ أُعَاقِبُهُمْ مِرَارًا كَثِيرَةً، وَأَضْطَرُّهُمْ إِلَى التَّجْدِيفِ. وَإِذْ أَفْرَطَ حَنَقِي عَلَيْهِمْ كُنْتُ أَطْرُدُهُمْ إِلَى الْمُدُنِ الَّتِي فِي الْخَارِجِ.
12«وَلَمَّا كُنْتُ ذَاهِبًا فِي ذلِكَ إِلَى دِمَشْقَ، بِسُلْطَانٍ وَوَصِيَّةٍ مِنْ رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ، 13رَأَيْتُ فِي نِصْفِ النَّهَارِ فِي الطَّرِيقِ، أَيُّهَا الْمَلِكُ، نُورًا مِنَ السَّمَاءِ أَفْضَلَ مِنْ لَمَعَانِ الشَّمْسِ، قَدْ أَبْرَقَ حَوْلِي وَحَوْلَ الذَّاهِبِينَ مَعِي. 14فَلَمَّا سَقَطْنَا جَمِيعُنَا عَلَى الأَرْضِ، سَمِعْتُ صَوْتًا يُكَلِّمُنِي وَيَقُولُ بِاللُّغَةِ الْعِبْرَانِيَّةِ: شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟ صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ .
15فَقُلْتُ أَنَا: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ: أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. 16وَلكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهذَا ظَهَرْتُ لَكَ، لأَنْتَخِبَكَ خَادِمًا وَشَاهِدًا بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ، 17مُنْقِذًا إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ، 18لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ، وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ، حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيبًا مَعَ الْمُقَدَّسِينَ.
19«مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ لَمْ أَكُنْ مُعَانِدًا لِلرُّؤْيَا السَّمَاوِيَّةِ، 20بَلْ أَخْبَرْتُ أَوَّلاً الَّذِينَ فِي دِمَشْقَ، وَفِي أُورُشَلِيمَ حَتَّى جَمِيعِ كُورَةِ الْيَهُودِيَّةِ، ثُمَّ الأُمَمَ، أَنْ يَتُوبُوا وَيَرْجِعُوا إِلَى اللهِ عَامِلِينَ أَعْمَالاً تَلِيقُ بِالتَّوْبَةِ. 21مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَمْسَكَنِي الْيَهُودُ فِي الْهَيْكَلِ وَشَرَعُوا فِي قَتْلِي. 22فَإِذْ حَصَلْتُ عَلَى مَعُونَةٍ مِنَ اللهِ، بَقِيتُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، شَاهِدًا لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. وَأَنَا لاَ أَقُولُ شَيْئًا غَيْرَ مَا تَكَلَّمَ الأَنْبِيَاءُ وَمُوسَى أَنَّهُ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ: 23إِنْ يُؤَلَّمِ الْمَسِيحُ، يَكُنْ هُوَ أَوَّلَ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ، مُزْمِعًا أَنْ يُنَادِيَ بِنُورٍ لِلشَّعْبِ وَلِلأُمَمِ».
24وَبَيْنَمَا هُوَ يَحْتَجُّ بِهذَا، قَالَ فَسْتُوسُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:«أَنْتَ تَهْذِي يَا بُولُسُ! الْكُتُبُ الْكَثِيرَةُ تُحَوِّلُكَ إِلَى الْهَذَيَانِ!». 25فَقَالَ:«لَسْتُ أَهْذِي أَيُّهَا الْعَزِيزُ فَسْتُوسُ، بَلْ أَنْطِقُ بِكَلِمَاتِ الصِّدْقِ وَالصَّحْوِ. 26لأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ هذِهِ الأُمُورِ، عَالِمٌ الْمَلِكُ الَّذِي أُكَلِّمُهُ جِهَارًا، إِذْ أَنَا لَسْتُ أُصَدِّقُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذلِكَ، لأَنَّ هذَا لَمْ يُفْعَلْ فِي زَاوِيَةٍ. 27أَتُؤْمِنُ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَغْرِيبَاسُ بِالأَنْبِيَاءِ؟ أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكَ تُؤْمِنُ». 28فَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِبُولُسَ:«بِقَلِيل تُقْنِعُنِي أَنْ أَصِيرَ مَسِيحِيًّا». 29فَقَالَ بُولُسُ:«كُنْتُ أُصَلِّي إِلَى اللهِ أَنَّهُ بِقَلِيل وَبِكَثِيرٍ، لَيْسَ أَنْتَ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا جَمِيعُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَنِي الْيَوْمَ، يَصِيرُونَ هكَذَا كَمَا أَنَا، مَا خَلاَ هذِهِ الْقُيُودَ».
30فَلَمَّا قَالَ هذَا قَامَ الْمَلِكُ وَالْوَالِي وَبَرْنِيكِي وَالْجَالِسُونَ مَعَهُمْ، 31وَانْصَرَفُوا وَهُمْ يُكَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا قَائِلِينَ:«إِنَّ هذَا الإِنْسَانَ لَيْسَ يَفْعَلُ شَيْئًا يَسْتَحِقُّ الْمَوْتَ أَوِ الْقُيُودَ». 32وَقَالَ أَغْرِيبَاسُ لِفَسْتُوسَ:«كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُطْلَقَ هذَا الإِنْسَانُ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ رَفَعَ دَعْوَاهُ إِلَى قَيْصَرَ».
الأصحَاحُ السَّابعُ وَالْعِشْرُونَ
1فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الرَّأْيُ أَنْ نُسَافِرَ فِي الْبَحْرِ إِلَى إِيطَالِيَا، سَلَّمُوا بُولُسَ وَأَسْرَى آخَرِينَ إِلَى قَائِدِ مِئَةٍ مِنْ كَتِيبَةِ أُوغُسْطُسَ اسْمُهُ يُولِيُوسُ. 2فَصَعِدْنَا إِلَى سَفِينَةٍ أَدْرَامِيتِينِيَّةٍ، وَأَقْلَعْنَا مُزْمِعِينَ أَنْ نُسَافِرَ مَارِّينَ بِالْمَوَاضِعِ الَّتِي فِي أَسِيَّا. وَكَانَ مَعَنَا أَرِسْتَرْخُسُ، رَجُلٌ مَكِدُونِيٌّ مِنْ تَسَالُونِيكِي. 3وَفِي الْيَوْمِ الآخَرِ أَقْبَلْنَا إِلَى صَيْدَاءَ، فَعَامَلَ يُولِيُوسُ بُولُسَ بِالرِّفْقِ، وَأَذِنَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَصْدِقَائِهِ لِيَحْصُلَ عَلَى عِنَايَةٍ مِنْهُمْ. 4ثُمَّ أَقْلَعْنَا مِنْ هُنَاكَ وَسَافَرْنَا فِي الْبَحْرِ مِنْ تَحْتِ قُبْرُسَ، لأَنَّ الرِّيَاحَ كَانَتْ مُضَادَّةً. 5وَبَعْدَ مَا عَبَرْنَا الْبَحْرَ الَّذِي بِجَانِبِ كِيلِيكِيَّةَ وَبَمْفِيلِيَّةَ، نَزَلْنَا إِلَى مِيرَا لِيكِيَّةَ. 6فَإِذْ وَجَدَ قَائِدُ الْمِئَةِ هُنَاكَ سَفِينَةً إِسْكَنْدَرِيَّةً مُسَافِرَةً إِلَى إِيطَالِيَا أَدْخَلَنَا فِيهَا. 7وَلَمَّا كُنَّا نُسَافِرُ رُوَيْدًا أَيَّامًا كَثِيرَةً، وَبِالْجَهْدِ صِرْنَا بِقُرْبِ كِنِيدُسَ، وَلَمْ تُمَكِّنَّا الرِّيحُ أَكْثَرَ، سَافَرْنَا مِنْ تَحْتِ كِرِيتَ بِقُرْبِ سَلْمُونِي. 8وَلَمَّا تَجَاوَزْنَاهَا بِالْجَهْدِ جِئْنَا إِلَى مَكَانٍ يُقَالُ لَهُ «الْمَوَانِي الْحَسَنَةُ» الَّتِي بِقُرْبِهَا مَدِينَةُ لَسَائِيَةَ.
9وَلَمَّا مَضَى زَمَانٌ طَوِيلٌ، وَصَارَ السَّفَرُ فِي الْبَحْرِ خَطِرًا، إِذْ كَانَ الصَّوْمُ أَيْضًا قَدْ مَضَى، جَعَلَ بُولُسُ يُنْذِرُهُمْ 10قَائِلاً:«أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَنَا أَرَى أَنَّ هذَا السَّفَرَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بِضَرَرٍ وَخَسَارَةٍ كَثِيرَةٍ، لَيْسَ لِلشَّحْنِ وَالسَّفِينَةِ فَقَطْ، بَلْ لأَنْفُسِنَا أَيْضًا». 11وَلكِنْ كَانَ قَائِدُ الْمِئَةِ يَنْقَادُ إِلَى رُبَّانِ السَّفِينَةِ وَإِلَى صَاحِبِهَا أَكْثَرَ مِمَّا إِلَى قَوْلِ بُولُسَ. 12وَلأَنَّ الْمِينَا لَمْ يَكُنْ مَوْقِعُهَا صَالِحًا لِلْمَشْتَى، اسْتَقَرَّ رَأْيُ أَكْثَرِهِمْ أَنْ يُقْلِعُوا مِنْ هُنَاكَ أَيْضًا، عَسَى أَنْ يُمْكِنَهُمُ الإِقْبَالُ إِلَى فِينِكْسَ لِيَشْتُوا فِيهَا. وَهِيَ مِينَا فِي كِرِيتَ تَنْظُرُ نَحْوَ الْجَنُوبِ وَالشَّمَالِ الْغَرْبِيَّيْنِ. 13فَلَمَّا نَسَّمَتْ رِيحٌ جَنُوبٌ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوا مَقْصَدَهُمْ، فَرَفَعُوا الْمِرْسَاةَ وَطَفِقُوا يَتَجَاوَزُونَ كِرِيتَ عَلَى أَكْثَرِ قُرْبٍ.
14وَلكِنْ بَعْدَ قَلِيل هَاجَتْ عَلَيْهَا رِيحٌ زَوْبَعِيَّةٌ يُقَالُ لَهَا «أُورُوكْلِيدُونُ». 15فَلَمَّا خُطِفَتِ السَّفِينَةُ وَلَمْ يُمْكِنْهَا أَنْ تُقَابِلَ الرِّيحَ، سَلَّمْنَا، فَصِرْنَا نُحْمَلُ. 16فَجَرَيْنَا تَحْتَ جَزِيرَةٍ يُقَالُ لَهَا «كَلَوْدِي» وَبِالْجَهْدِ قَدِرْنَا أَنْ نَمْلِكَ الْقَارِبَ. 17وَلَمَّا رَفَعُوهُ طَفِقُوا يَسْتَعْمِلُونَ مَعُونَاتٍ، حَازِمِينَ السَّفِينَةَ، وَإِذْ كَانُوا خَائِفِينَ أَنْ يَقَعُوا فِي السِّيرْتِسِ، أَنْزَلُوا الْقُلُوعَ، وَهكَذَا كَانُوا يُحْمَلُونَ. 18وَإِذْ كُنَّا فِي نَوْءٍ عَنِيفٍ، جَعَلُوا يُفَرِّغُونَ فِي الْغَدِ. 19وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَمَيْنَا بِأَيْدِينَا أَثَاثَ السَّفِينَةِ. 20وَإِذْ لَمْ تَكُنِ الشَّمْسُ وَلاَ النُّجُومُ تَظْهَرُ أَيَّامًا كَثِيرَةً، وَاشْتَدَّ عَلَيْنَا نَوْءٌ لَيْسَ بِقَلِيل، انْتُزِعَ أَخِيرًا كُلُّ رَجَاءٍ فِي نَجَاتِنَا.
21فَلَمَّا حَصَلَ صَوْمٌ كَثِيرٌ، حِينَئِذٍ وَقَفَ بُولُسُ فِي وَسْطِهِمْ وَقَالَ:«كَانَ يَنْبَغِي أَيُّهَا الرِّجَالُ أَنْ تُذْعِنُوا لِي، وَلاَ تُقْلِعُوا مِنْ كِرِيتَ، فَتَسْلَمُوا مِنْ هذَا الضَّرَرِ وَالْخَسَارَةِ. 22وَالآنَ أُنْذِرُكُمْ أَنْ تُسَرُّوا، لأَنَّهُ لاَ تَكُونُ خَسَارَةُ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ مِنْكُمْ، إِلاَّ السَّفِينَةَ. 23لأَنَّهُ وَقَفَ بِي هذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكُ الإِلهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ، 24قَائِلاً: لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ. يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَ أَمَامَ قَيْصَرَ. وَهُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ. 25لِذلِكَ سُرُّوا أَيُّهَا الرِّجَالُ، لأَنِّي أُومِنُ بِاللهِ أَنَّهُ يَكُونُ هكَذَا كَمَا قِيلَ لِي. 26وَلكِنْ لاَ بُدَّ أَنْ نَقَعَ عَلَى جَزِيرَةٍ».
27فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ، وَنَحْنُ نُحْمَلُ تَائِهِينَ فِي بَحْرِ أَدْرِيَا، ظَنَّ النُّوتِيَّةُ، نَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أَنَّهُمُ اقْتَرَبُوا إِلَى بَرّ. 28فَقَاسُوا وَوَجَدُوا عِشْرِينَ قَامَةً. وَلَمَّا مَضَوْا قَلِيلاً قَاسُوا أَيْضًا فَوَجَدُوا خَمْسَ عَشْرَةَ قَامَةً. 29وَإِذْ كَانُوا يَخَافُونَ أَنْ يَقَعُوا عَلَى مَوَاضِعَ صَعْبَةٍ، رَمَوْا مِنَ الْمُؤَخَّرِ أَرْبَعَ مَرَاسٍ، وَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ. 30وَلَمَّا كَانَ النُّوتِيَّةُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَهْرُبُوا مِنَ السَّفِينَةِ، وَأَنْزَلُوا الْقَارِبَ إِلَى الْبَحْرِ بِعِلَّةِ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَمُدُّوا مَرَاسِيَ مِنَ الْمُقَدَّمِ، 31قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ وَالْعَسْكَرِ:«إِنْ لَمْ يَبْقَ هؤُلاَءِ فِي السَّفِينَةِ فَأَنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْجُوا». 32حِينَئِذٍ قَطَعَ الْعَسْكَرُ حِبَالَ الْقَارِبِ وَتَرَكُوهُ يَسْقُطُ. 33وَحَتَّى قَارَبَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ كَانَ بُولُسُ يَطْلُبُ إِلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَنَاوَلُوا طَعَامًا، قَائِلاً:«هذَا هُوَ الْيَوْمُ الرَّابِعَ عَشَرَ، وَأَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ لاَ تَزَالُونَ صَائِمِينَ، وَلَمْ تَأْخُذُوا شَيْئًا. 34لِذلِكَ أَلْتَمِسُ مِنْكُمْ أَنْ تَتَنَاوَلُوا طَعَامًا، لأَنَّ هذَا يَكُونُ مُفِيدًا لِنَجَاتِكُمْ، لأَنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِ وَاحِدٍ مِنْكُمْ». 35وَلَمَّا قَالَ هذَا أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ اللهَ أَمَامَ الْجَمِيعِ، وَكَسَّرَ، وَابْتَدَأَ يَأْكُلُ. 36فَصَارَ الْجَمِيعُ مَسْرُورِينَ وَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا طَعَامًا. 37وَكُنَّا فِي السَّفِينَةِ جَمِيعُ الأَنْفُسِ مِئَتَيْنِ وَسِتَّةً وَسَبْعِينَ.
38وَلَمَّا شَبِعُوا مِنَ الطَّعَامِ طَفِقُوا يُخَفِّفُونَ السَّفِينَةَ طَارِحِينَ الْحِنْطَةَ فِي الْبَحْرِ. 39وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الأَرْضَ، وَلكِنَّهُمْ أَبْصَرُوا خَلِيجًا لَهُ شَاطِئٌ، فَأَجْمَعُوا أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ السَّفِينَةَ إِنْ أَمْكَنَهُمْ. 40فَلَمَّا نَزَعُوا الْمَرَاسِيَ تَارِكِينَ إِيَّاهَا فِي الْبَحْرِ، وَحَلُّوا رُبُطَ الدَّفَّةِ أَيْضًا، رَفَعُوا قِلْعًا لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ، وَأَقْبَلُوا إِلَى الشَّاطِئِ. 41وَإِذْ وَقَعُوا عَلَى مَوْضِعٍ بَيْنَ بَحْرَيْنِ، شَطَّطُوا السَّفِينَةَ، فَارْتَكَزَ الْمُقَدَّمُ وَلَبِثَ لاَ يَتَحَرَّكُ. وَأَمَّا الْمؤَخَّرُ فَكَانَ يَنْحَلُّ مِنْ عُنْفِ الأَمْوَاجِ. 42فَكَانَ رَأْيُ الْعَسْكَرِ أَنْ يَقْتُلُوا الأَسْرَى لِئَلاَّ يَسْبَحَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَهْرُبَ. 43وَلكِنَّ قَائِدَ الْمِئَةِ، إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُخَلِّصَ بُولُسَ، مَنَعَهُمْ مِنْ هذَا الرَّأْيِ، وَأَمَرَ أَنَّ الْقَادِرِينَ عَلَى السِّبَاحَةِ يَرْمُونَ أَنْفُسَهُمْ أَوَّلاً فَيَخْرُجُونَ إِلَى الْبَرِّ، 44وَالْبَاقِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَلْوَاحٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى قِطَعٍ مِنَ السَّفِينَةِ. فَهكَذَا حَدَثَ أَنَّ الْجَمِيعَ نَجَوْا إِلَى الْبَرِّ.
الأصحَاحُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ
1وَلَمَّا نَجَوْا وَجَدُوا أَنَّ الْجَزِيرَةَ تُدْعَى مَلِيطَةَ. 2فَقَدَّمَ أَهْلُهَا الْبَرَابِرَةُ لَنَا إِحْسَانًا غَيْرَ الْمُعْتَادِ، لأَنَّهُمْ أَوْقَدُوا نَارًا وَقَبِلُوا جَمِيعَنَا مِنْ أَجْلِ الْمَطَرِ الَّذِي أَصَابَنَا وَمِنْ أَجْلِ الْبَرْدِ.
3فَجَمَعَ بُولُسُ كَثِيرًا مِنَ الْقُضْبَانِ وَوَضَعَهَا عَلَى النَّارِ، فَخَرَجَتْ مِنَ الْحَرَارَةِ أَفْعَى وَنَشِبَتْ فِي يَدِهِ. 4فَلَمَّا رَأَى الْبَرَابِرَةُ الْوَحْشَ مُعَلَّقًا بِيَدِهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ:«لاَ بُدَّ أَنَّ هذَا الإِنْسَانَ قَاتِلٌ، لَمْ يَدَعْهُ الْعَدْلُ يَحْيَا وَلَوْ نَجَا مِنَ الْبَحْرِ». 5فَنَفَضَ هُوَ الْوَحْشَ إِلَى النَّارِ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِشَيْءٍ رَدِيّ 6وَأَمَّا هُمْ فَكَانُوا يَنْتَظِرُونَ أَنَّهُ عَتِيدٌ أَنْ يَنْتَفِخَ أَوْ يَسْقُطَ بَغْتَةً مَيْتًا. فَإِذِ انْتَظَرُوا كَثِيرًا وَرَأَوْا أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ شَيْءٌ مُضِرٌّ، تَغَيَّرُوا وَقَالُوا:«هُوَ إِلهٌ!».
7وَكَانَ فِي مَا حَوْلَ ذلِكَ الْمَوْضِعِ ضِيَاعٌ لِمُقَدَّمِ الْجَزِيرَةِ الَّذِي اسْمُهُ بُوبْلِيُوسُ. فَهذَا قَبِلَنَا وَأَضَافَنَا بِمُلاَطَفَةٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. 8فَحَدَثَ أَنَّ أَبَا بُوبْلِيُوسَ كَانَ مُضْطَجِعًا مُعْتَرًى بِحُمَّى وَسَحْجٍ. فَدَخَلَ إِلَيْهِ بُولُسُ وَصَلَّى، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ فَشَفَاهُ. 9فَلَمَّا صَارَ هذَا، كَانَ الْبَاقُونَ الَّذِينَ بِهِمْ أَمْرَاضٌ فِي الْجَزِيرَةِ يَأْتُونَ وَيُشْفَوْنَ. 10فَأَكْرَمَنَا هؤُلاَءِ إِكْرَامَاتٍ كَثِيرَةً. وَلَمَّا أَقْلَعْنَا زَوَّدُونَا بِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.
11وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ أَقْلَعْنَا فِي سَفِينَةٍ إِسْكَنْدَرِيَّةٍ مَوْسُومَةٍ بِعَلاَمَةِ الْجَوْزَاءِ، كَانَتْ قَدْ شَتَتْ فِي الْجَزِيرَةِ. 12فَنَزَلْنَا إِلَى سِرَاكُوسَا وَمَكَثْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. 13ثُمَّ مِنْ هُنَاكَ دُرْنَا وَأَقْبَلْنَا إِلَى رِيغِيُونَ. وَبَعْدَ يَوْمٍ وَاحِدٍ حَدَثَتْ رِيحٌ جَنُوبٌ، فَجِئْنَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي إِلَى بُوطِيُولِي، 14حَيْثُ وَجَدْنَا إِخْوَةً فَطَلَبُوا إِلَيْنَا أَنْ نَمْكُثَ عِنْدَهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَهكَذَا أَتَيْنَا إِلَى رُومِيَةَ. 15وَمِنْ هُنَاكَ لَمَّا سَمِعَ الإِخْوَةُ بِخَبَرِنَا، خَرَجُوا لاسْتِقْبَالِنَا إِلَى فُورُنِ أَبِّيُوسَ وَالثَّلاَثَةِ الْحَوَانِيتِ. فَلَمَّا رَآهُمْ بُولُسُ شَكَرَ اللهَ وَتَشَجَّعَ.
16وَلَمَّا أَتَيْنَا إِلَى رُومِيَةَ سَلَّمَ قَائِدُ الْمِئَةِ الأَسْرَى إِلَى رَئِيسِ الْمُعَسْكَرِ، وَأَمَّا بُولُسُ فَأُذِنَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ وَحْدَهُ مَعَ الْعَسْكَرِيِّ الَّذِي كَانَ يَحْرُسُهُ.
17وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ اسْتَدْعَى بُولُسُ الَّذِينَ كَانُوا وُجُوهَ الْيَهُودِ. فَلَمَّا اجْتَمَعُوا قَالَ لَهُمْ:«أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ، مَعَ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ شَيْئًا ضِدَّ الشَّعْبِ أَوْ عَوَائِدِ الآبَاءِ، أُسْلِمْتُ مُقَيَّدًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَيْدِي الرُّومَانِيِّينَ، 18الَّذِينَ لَمَّا فَحَصُوا كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يُطْلِقُونِي، لأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ فِيَّ عِلَّةٌ وَاحِدَةٌ لِلْمَوْتِ. 19وَلكِنْ لَمَّا قَاوَمَ الْيَهُودُ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَرْفَعَ دَعْوَايَ إِلَى قَيْصَرَ، لَيْسَ كَأَنَّ لِي شَيْئًا لأَشْتَكِيَ بِهِ عَلَى أُمَّتِي. 20فَلِهذَا السَّبَبِ طَلَبْتُكُمْ لأَرَاكُمْ وَأُكَلِّمَكُمْ، لأَنِّي مِنْ أَجْلِ رَجَاءِ إِسْرَائِيلَ مُوثَقٌ بِهذِهِ السِّلْسِلَةِ».
21فَقَالُوا لَهُ:«نَحْنُ لَمْ نَقْبَلْ كِتَابَاتٍ فِيكَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ، وَلاَ أَحَدٌ مِنَ الإِخْوَةِ جَاءَ فَأَخْبَرَنَا أَوْ تَكَلَّمَ عَنْكَ بِشَيْءٍ رَدِيٍّ. 22وَلكِنَّنَا نَسْتَحْسِنُ أَنْ نَسْمَعَ مِنْكَ مَاذَا تَرَى، لأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَنَا مِنْ جِهَةِ هذَا الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَاوَمُ فِي كُلِّ مَكَانٍ».
23فَعَيَّنُوا لَهُ يَوْمًا، فَجَاءَ إِلَيْهِ كَثِيرُونَ إِلَى الْمَنْزِلِ، فَطَفِقَ يَشْرَحُ لَهُمْ شَاهِدًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمُقْنِعًا إِيَّاهُمْ مِنْ نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ بِأَمْرِ يَسُوعَ، مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الْمَسَاءِ. 24فَاقْتَنَعَ بَعْضُهُمْ بِمَا قِيلَ، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا. 25فَانْصَرَفُوا وَهُمْ غَيْرُ مُتَّفِقِينَ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ، لَمَّا قَالَ بُولُسُ كَلِمَةً وَاحِدَةً:«إِنَّهُ حَسَنًا كَلَّمَ الرُّوحُ الْقُدُسُ آبَاءَنَا بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ 26قَائِلاً: اذْهَبْ إِلَى هذَا الشَّعْبِ وَقُلْ: سَتَسْمَعُونَ سَمْعًا وَلاَ تَفْهَمُونَ، وَسَتَنْظُرُونَ نَظَرًا وَلاَ تُبْصِرُونَ. 27لأَنَّ قَلْبَ هذَا الشَّعْبِ قَدْ غَلُظَ، وَبِآذَانِهِمْ سَمِعُوا ثَقِيلاً، وَأَعْيُنُهُمْ أَغْمَضُوهَا. لِئَلاَّ يُبْصِرُوا بِأَعْيُنِهِمْ وَيَسْمَعُوا بِآذَانِهِمْ وَيَفْهَمُوا بِقُلُوبِهِمْ وَيَرْجِعُوا، فَأَشْفِيَهُمْ. 28فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا عِنْدَكُمْ أَنَّ خَلاَصَ اللهِ قَدْ أُرْسِلَ إِلَى الأُمَمِ، وَهُمْ سَيَسْمَعُونَ!». 29وَلَمَّا قَالَ هذَا مَضَى الْيَهُودُ وَلَهُمْ مُبَاحَثَةٌ كَثِيرَةٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
30وَأَقَامَ بُولُسُ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَينِ فِي بَيْتٍ اسْتَأْجَرَهُ لِنَفْسِهِ. وَكَانَ يَقْبَلُ جَمِيعَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ، 31كَارِزًا بِمَلَكُوتِ اللهِ، وَمُعَلِّمًا بِأَمْرِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِكُلِّ مُجَاهَرَةٍ، بِلاَ مَانِعٍ.