فقال (موسى): أرني مجدك(خر 33: 18 )
نحن نلمح مجد الرب في الكلمة، وقوة الإبصار التي تمكننا من الرؤية هي قوة الروح القدس. لأن عمل الروح القدس هنا هو إعلان جمال الرب وحلاوته ونعمته ومجده. إنه يأخذ مما للمسيح ويُخبرنا «ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجهٍ مكشوف، كما في مرآة، نتغير إلى تلك الصورة عينها، من مجدٍ إلى مجد، كما من الرب الروح»
وكم يحزن الروح القدس لما يرى سلوكنا الجسدي وطرقنا العالمية ومشغوليتنا بالذات تحجب الرؤية أو تعطل عمله فينا. وأي طفل في المسيح يشعر بحاجته إلى هذه الخدمة لإشباع حنينه إلى معرفة أعمق وأكثر بالرب يسوع، وإلى رؤية أوضح وأجلى لمجده. كما أن أي قديس متقدم في المعرفة الروحية والإدراك لكلمة الله، له هذا الحنين عينه وذات الاختبار. والرسول بولس شاهد لذلك، فقد قال: «لأعرفه»، وكانت هذه رغبته لما كتب من سجن رومية، وكان وقتئذٍ يعرف الرب تمامًا.
إن معرفة أعمق ورؤية أوضح لمجد الرب، لا بد وأن يكون لها أثرها في جعلنا أكثر تواضعًا. مثل هذه المعرفة ومثل هذه الرؤية تأتي بنا إلى قدميه، وعند قدميه نجد أعظم مكان وأسمى مكان يمكن أن نصل إليه لأجل البركة ولأجل الخدمة. هناك نتغير إلى تلك الصورة عينها. وإذا كان الرب ومجده أمام قلوبنا، وإذا كان سلوكنا في شركة معه، فهذا هو مصدر البركة الحقيقي للسلوك الصحيح والخدمة الصحيحة، لأن عمق الشركة معه يقوِّي الإيمان به، ويزيد المحبة له، ويشدد الرجاء الذي يتطلع إليه وإلى اللحظة المباركة التي فيها نراه كما هو. ولقد كانت طلبة الرب يسوع هكذا: «أيها الآب أريد أن هؤلاء الذين أعطيتني يكونون معي حيث أكون أنا، لينظروا مجدي الذي أعطيتني»
ولا بد أن تُجاب هذه الطِلبة، ولسوف نرى مجد الرب في بيت الآب.
أيها الأحباء .. كم سنتأسف على أيامٍ وليالٍ مرَّت دون أن نتشرف بالجلوس عند قدميه ونتمتع بالعِشرة الطيبة معه. هل حياتك أيها الأخ بلا ثمر وبلا فرح وبلا قوة؟ ذلك لأنك أغمضت العين أو أمسكت عينك عن أن ترى الرب، لأن المسيحي الذي يجعل الرب أمامه في كل حين لا يمكن أن تكون حياته بلا ثمر وبلا قوة وبلا فرح. ولنعلم أن الثمر والقوة والفرح في حياة المؤمن هي برهان حقيقة المسيح فينا.