حكاية التلات شجرات
تقول الأسطورة... كان هناك
3 شجرات على تل فى إحدى الغابات يتحدثن عن أحلامهن وآمالهن فى الحياة. فقالت الأولى: (أتمنى أن أكون يوماً صندوقاً خشبياً جميلاً للمجوهرات والأحجار الكريمة، حيـث أن طبيعـة
خشبى يمكنها أن تتزين برسومات وحفـر علـى
الخشب، يبهر الناظر إليه) وقالت الثانية: (أتمنـى
أن أكون يوماً سفينة عملاقة تمخر عبـاب البحـر،
أحمل على متنى الملوك والأمراء من كل أرجاء العالم، سوف أجعل كل من يركبنى يشعر بالأمان، لأن خشبى ذو طبيعة صلبة وقوية) أخيراً قالت الثالثة: (أتمنى أن أكبر وأكبر حتى أصير أطول شجرة فى كل الغابة، ويرانى الناس من بعد، وأنا أزهو فوق قمة الجبل بأغصانى الجميلة، ويتأملون جمال الله فى الطبيعة، سأكون أعظم شجرة عرفها العالم فى التاريخ).
وراحت كل شجرة تصلى إلى الله أن يحقق لها حلمها، سنة وراء سنة حتى جاء إلى تلك البقعة من الغابة، مجموعة من قاطعى الأخشاب، وراحوا يتفرسون فى ما حولهم من أشجار، فأتى أحدهم إلى الشجرة الأولى وقال: (هذه تبدو شجرة قوية، أعتقد أننى أستطيع أن أبيع خشبها إلى أحد النجارين) ثم بدأ فى قطعها، وعمت السعادة على تلك الشجرة، فقد كانت تعرف فى داخلها أن النجار إنما سيصنع منها صندوقاً للمجوهرات، كما كانت تحلم دائماً.
وأتى آخر إلى الشجرة الثانية وقال: (هذه أيضاً شجرة قوية، ويمكننى أن أبيع خشبها إلى أحد مصانع السفن) وفرحت الشجرة الثانية، لأن حلمها أوشك على التحقيق فقد أيقنت فى داخلها أن مصنع السفن سيجعل منها سفينة عملاقة، كما كانت تحلم أن تكون.
ثم جاء رجلاً ثالثاً إلى الشجرة الثالثة وتفرس فيها ثم قال: (أما أنا فلا أريد شيئاً محدداً، ولكننى سأقطع هذه الشجرة وآخذ خشبها معى) ثم قطعها وأخذها معه.
وهكذا بيعت الشجرة الأولى إلى أحد النجارين،
الذى لم يستطع أن يعمل من خشبها سوى صندوقاً
خشبياً كبيراً، يستخدم لوضع العلف أمام البهائـم،
ثم باعه لأحد أصحاب الحظائر التى فى المنطقـة،
الذى سرعان ما ملأه بالتبـن، والشجـرة الثانيـة
أخذها أحد العمال فـى مجـال صناعـة السفـن،
غير أنه قرر أن يعمل منها مجموعة من قـوارب
الصيد الصغيرة، التى يستخدمها فقراء الصيادين. أما الشجرة الثالثة فقد قطعت إلى عوارض خشبية متساوية، ولم تستعمل، بل تركت فى أحد الأماكن.
وهكذا مرت السنون سنة وراء سنة، ونست كل شجرة حلمها التى حلمت به يوماً ما، وذات يوم دخل إلى تلك الحظيرة رجلاً وامرأة، وصلا لتوهما من سفر طويل، ولما لم يجدوا لهما موضعاً فى الفندق، اضطرا أن يبيتا فى الحظيرة، لأن المرأة كانت على وشك الولادة، وسرعان ما ولدت المرأة طفلاً جميلاً قمطته واضجعته فى صندوق العلف الموجود هناك، والذى تم صنعه من خشب الشجرة الأولى، ولم يكن هذا المولود سوى الطفل يسوع، الذى قبل أن يكون صندوق العلف مهداً له، حينئذ أدركت الشجرة الأولى أنها حملت أعظم جوهرة علـى الإطـلاق، فــى
كل العصور.
وبعـد عـدة سنـوات
خـرج مجموعـة مــن
الصياديـن الفقـراء فـى
قاربهم الصغير المصنـوع
من خشب الشجرة الثانية، وكان أحدهم يشعر بالتعب، فنزل فى قاع المركب ونام، وبينما هم فى عرض البحر، هاجت رياح شديدة حتى أوشكت أن تقلب المركب، فراح الرجال يوقظون صديقهم النائم الذى سرعان ما انتهر الريح فهدأ البحر، حينئذ إنفتحت أعين الشجرة الثانية، وأدركت أن الشخص الذى تحمله فوق ظهرها ما هو إلا شخص الرب يسوع، ملك الملوك. وما هى إلا أشهر قليلة حتى جاء أحدهم، وأخذ من الغابة قطعتين من الخشب المتروك فى ذلك المكان المهجور، والذى كان قد قُطع من الشجرة الثالثة، وسرعان ما وضعت العارضتان فى شكل صليب، رجل مجروح ومهان لا شكل له
ولا منظر، عبر طرقات المدينة وخـرج بـه
خارج المحلة، حيث سمـره الجنـد علـى
الخشبة، ورفعوه فى الهواء على
الجبل، حيث مات على الخشبة.
ومع إشراقة فجر أحد القيامة، أدركت الشجرة
الثالثة، أنها كانت أقوى وأشهر شجرة عرفها
وسيعرفها العالم، لأنهـا حملـت المصلـوب
عليها، إبن الله حامل خطية العالم!
وأخيراً تحقق لكل شجـرة حلمهـا، الـذى
حلمت به، ليس بنفس الطريقة التـى تمنتهـا،
أو رسمتها فى خيالها، ولكن كما خطط لها الله. فعندما تبدو لنا
الأشياء بعض الوقت أنها لا تسير حسب أحلامنا، فلندرك أن للرب دائماً خطة لحياتنا، فنحن نعلم أن (طرقه ليست كطرقنا ولكن طرقه دائماً هى الأفضل).
صلوا من اجلى