تسبحة الجند السماوي
وظهر بغتة مع الملاك جمهورٌ من الجُند السماوي مُسبحين الله وقائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالناس المسرة ( لو 2: 13 ، 14)
لقد وصل ابن الله إلى الأرض، وها السماء تُعلن لسكان الأرض هذا الخبر العظيم؛ ميلاد المسيح. ولقد وقع اختيار السماء على الرعاة البسطاء لإبلاغهم هذا النبأ «وإذا ملاك الرب وقف بهم ... فقال لهم ... لا تخافوا! فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب. أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» .. يا للبشرى! أخيرًا وُلد لنا الفادي المخلص. ثم قدم الملاك العلامة فقال: «وهذه لكم العلامة: تجدون طفلاً مُقمطًا مُضجعًا في مذود». يا لها من علامة! بل يا له من اتضاع!
وبمجرد أن نطق الملاك بهذه العلامة العجيبة حتى حدث شيء عجيب آخر، إذ انشقت السماء على جمع حاشد من الملائكة المُسبحين. وهنا نرى مزيجًا من الاتضاع والعظمة. فإن كان ذلك الوليد طفلاً مقمطًا في مذود، إلا أن ملائكة السماء ترنم له وتسبح لاسمه. إنه ابن الإنسان المتواضع وابن الله العظيم في آن. إنه غير مُقدَّر من الأرض، لكنه موضوع تسبيح الملائكة وسجود السماء. «الله ظهر في الجسد ... تراءى لملائكة» ( 1تي 3: 16 ).
لقد قال جمهور الجند السماوي:
«المجد لله في الأعالي»: إن الخليقة تمجد الله «السماوات تحدث بمجد الله» ( مز 19: 1 ). لكن مجد الله كان عتيدًا أن يظهر في الفداء بأروع مما ظهر في الخلق.
«وعلى الأرض السلام»: الأرض التي فسدت بالخطية، وتلوثت بالدماء والحروب. ها قد جاء مسيح الله ليصنع السلام لها، ويصنعه بدم صليبه. وقبل أن تنعم كل الأرض عن قريب بالسلام عند مجيء المسيح الثاني، فها هو يقدِّم هذا السلام الآن مجانًا لكل مؤمن حقيقي به؛ سلامٌ مع الله، وسلامٌ مع الإنسان.
«وبالناس المسرة»: أخيرًا جاء إلى المشهد إنسان يختلف تمامًا عن آدم الساقط وذريته التي جعلت الرب يتأسف يومًا أنه خلق الإنسان لسبب شروره وفساده. هذا الإنسان المجيد هو الذي جعل لتسبيح الملائكة معنى «بالناس المسرة». وإن كانت قوة الله قد ظهرت في الخليقة، وإن كان عدل الله قد ظهر في الطوفان، فإن مسرة الله بالناس كانت على وشك أن تُستعلن على أكمل وجه عندما مات المسيح ابن الله الوحيد لأجل البشر على عود الصليب.