مقال يوم الأحد 10/6/2007
تدريبات علي الهدوء
بقلم: البابا شنودةالثالث
إذا أردت ان تدرب نفسك علي الهدوء ـ وبخاصة هدوء القلب وهدوءالأعصاب وهدوء الحياة ـ فعليك بالنصائح الآتية:
1ـ لاتسمح لأي شيء أنيثيرك، بل تقبل كافة الأمور بنفس هادئة، لا تنفعل كثيرا بالاسباب الخارجية مهماكانت تبدو متعبة، ولا تقلق وتضطرب، وان انفعلت، حاول ان تضع هدوءا لانفعالك،وان تهدئ نفسك، ولاتتصور أو تتخيل نتائج خطيرة سوف تحدث، فهذا التخيل سوف يزعجك،وقل لنفسك: ان كل مشكلة لها حل أو بضعة حلول. فكر اذن في الحلول، حينئذ يدخلالهدوء الي قلبك.
وان عجزت عن ايجاد حل، استشر غيرك، وان عجز الغير ايضافاعط المشاكل مدي زمنيا تحل فيه، واطلب معونة الله وتدخله وستره.
2ـ كندائما قوي القلب قوي الايمان، واسع الصدر في مقابلة المتاعب، بحيث لا تتضايقبسرعة، واعلم ان الضيقة قد سميت هكذا، لان القلب قد ضاق عن ان يتسع لها، اماالقلب الواسع فانه لايتضيق بشيءو ان قطعة من الطين اذا القيت في كوب من الماء فانهاتعكره، اما اذا ما القيت في المحيط فانها لاتعكره، بل يفرشها في أعماقه ويقدم لكماء رائعا..
3ـ مما يفيدك في حياتك، ان تكون لك روح المرحوالبشاشة.
فإنها تجلب للانسان هدوءا في النفس، واسترخاء في الاعصاب،وتبعد عنه الكآبة والاضطراب، ومهما كان الجو مكهربا وصاخبا، فإن الانسان المرح،يستطيع بفكاهة لطيفة ان يزيل جو التوتر..
وعموما فإن المتصفين بالمرح،تكون أعصابهم هادئة، بل انهم بالأكثر يمكنهم ان يهدئوا غيرهم أيضا. كما انالوجوه البشوشة تشيع الهدوء في الاخرين. لهذا درب نفسك علي البشاشة والمرح،وتقبل كثيرا من الأمور بهذه الروح.
4ـ كذلك ان أردت ان تكتسب الهدوء،يمكنك ذلك بمعاشرة الاشخاص الهادئين، بعكس الذي يختلط دائما بالمضطربينوالثائرين، فانهم ينقلون اليه عدوي مشاعرهم، فالخائفون ينقلون اليه خوفهم،والمتشائمون ينقلون اليه تشاؤمهم، وكذلك فالذين يحاربهم الشك والضيق ينقلون اليغيرهم الشكوك والضيقات، أما معاشرة الهادئين فانها تمنح الثقة والطمأنينةوالسلام.
إن معاشرة الهادئين هي من أفضل أنواع المهدئات.
5ـكذلك درب نفسك علي عدم الاندفاع وعدم التسرع، واعرف ان قلة الصبر تدل علي عدم هدوءالانسان في الداخل، فالانسان الهادئ يكون دائما طويل البال، فان اضطرب يفقدالقدرة علي الصبر، ولايستطيع ان ينتظر حتي تحل الأمور، إنما يريد ان يعمل الان أيعمل أو يتكلم أي كلام أو يتخذ أي قرار!! وفي ذلك ما يضره.
6ـ مادمت لمتصل بعد الي فضيلة الهدوء، ابعد اذن بقدر امكانك عن أسباب الاثارة وكل مصادرها،ابحث ما هي الأسباب التي تجعلك تفقد هدوءك، سواء كانت منك أو من الخارج، وتحاشيهذه الاسباب وبخاصة في المعاملات، وكما قال أحد الحكماء لا تأخذ وتعطي مع انسانيقاتلك به العدو وابعد عن المناقشات الحادة، ولا تستصحب غضوبا، وابعد ايضا عنالقراءات التي تفقدك الهدوء، وعن سماع الأخبار التي تزعجك.
7ـ وفيمعاملاتك مع الاخرين لاتفترض المثالية في جميع الناس، فان قوبلت بتصرف خاطئ منالبعض لاتتضايق. فالناس هكذا فيهم الطيب والردئ، ولا تتوقع انك ستتعامل معملائكة أو قديسين، إنما مع بشر عاديين، لا نسمح لأخطائهم من نحونا انتقلقنا..!
8ـ ابعد عن استخدام العنف بكل أنواعه، ولا تواجه العنفبالعنف، فليس هذا هو اسلوب الروحيين، فالانسان الروحي لايغلبنه الشر، بل يغلبالشر بالخير. وإذا تملكتك الحيرة في التصرف، فشاور أحد الحكماء واعمل بمشورته،فإنك بهذا تضيف الي فكرك فكرا أكثر خبرة، وتتعلم الحياة عمليا..
9ـ لاتلجأ الي العقاقير لكي تحصل علي الهدوء، وأعلم ان استخدام المسكنات والمهدئاتوالمنومات لها ردود فعلها واحذر من ان تتعودها.
انها كلها تتيهك عن نفسك،دون ان تحل مشاكلك أو تزيل متاعبك.
إنما اعمل علي حل إشكالاتك داخل نفسك،وبحلول عملية وطرق روحية.
10ـ كذلك لا تلتمس الهدوء بالانطواء والهرب،ولا تظن انك في انطوائك علي نفسك قد صرت هادئا! كلا، فهذا مرض اخر وليس هدوءا،فان كانت لك مشكلة في بيتك، لا تظن ان حل المشكلة هو في هروبك الي النادي أوالمقهي أو احدي السهرات، بينما تظل المشكلة قائمة كما هي، لاتصلح الا بمواجهتها،ومعرفة أسبابها وحلها عمليا.
11ـ تعود الهدوء في دخولك وخروجك، وفيطريقة كلامك بحيث تكون الفاظك هادئة ليست فيها كلمة عنيفة أو جارحة، وقبل ان تلفظكلمة فكر في نتائجها وفي تأثيرها علي غيرك.
وإذا كتبت خطابا غير هاديء،فلا ترسله بسرعة، بل اتركه يوما أو يومين، وأعد قراءته، وغير ما يلزم تغييرهفيه، وكل فكر يلح عليك، لاتسرع في تنفيذه ولا تطاوعه، بل انتظـر حتي تفحصه فيهدوء..
12ـ اخيراً، انصحك بأن تعطي جسدك ما يحتاجه من الراحة ولاترهقه، فإن الانسان في حالة الارهاق، تكون أعصابه عرضة لعدم الاحتمال، وربمايفقد هدوءه ويتصرف بغضب أو عصبية لأتفه الأسباب مما يندم عليه فيما بعد. لذلكلاتدخل في مناقشة حادة وانت مرهق، ولا تأخذ قرارا مصيريا وانتمرهق.