شاول الملك
+شاول الملك بدأ بدءاً حسناً ولكنه تدهور تدريجياً حتى أصبح الكثير من أفراد الشعب نادمين لانهم طلبوا لأنفسهم ملكاً ولم ينصتوا لنصيحة صموئيل.
***الله يرفض شاول
"فقال الرب لصموئيل حتى متى تنوح على شاول وانا قد رفضته عن أن يملك على إسرائيل"(1صم1:16)
لكن صموئيل الذى كان يشعر بالمسئولية الضمنيَة عن شاول ويتمسك بالصلاة من أجله, فهو الذى سبق أن مسحه بالدهن المقدس وبدأ حياته فى طاعة الرب و انتصر فى حروبه بمعونة الله. ولكنه سريعاً ما تدهور روحياً و عصىَ الله... وليس هذا الشعور بالمسئولية غريباً على صموئيل النبى صاحب القلب المرهف الحساس.
+و كان صموئيل النبى قد اضطر للموافقة على رسم ملك للشعب بينما ملكهم كان الله نفسه , فكانت موافقته على غير هواه وعلى غير مشيئة الرب فقال:
"انا انا فحاشا لى ان اخطئ الى الرب فأكف عن الصلاة من اجلكم بل أعلمكم الطريق الصالح المستقيم(1صم23:12)
وهكذا لم يكف ابداً عن الصلاة من أجل شاول.
· تدريب روحى
فلنطلب كثيراً فى صلواتنا عن المهددين بالموت الأبدى, فمريض الجسد الذى نصلى من أجله قد يشفى الآن ولكنه حتماً سيرقد إن عاجلاً أو آجلاً. أما مرضى الروح فشفاؤهم يعطيهم حياة ابدية فى ملكوت السموات.
كذلك فلنحذر لأن البداية المقدسة لا تعنى أننا قد وصلنا, بل لنستمر فى الجهاد والطاعة والرجاء والمحبة حتى آخر نسمة من حياتنا. "فلنخف انه مع بقاء وعد بالدخول الى راحته يُرى أحد منكم انه قد خاب منه (عب1:4)
+ورغم أن الله قد رأى ينبوع الدموع يفيض من عينىَ صموئيل إلا أنه أعلن له أنه رفض شاول وأن عليه أن يمسح ملكاً آخر حسب قلب الله وليس حسب اختيار الشعب .
++ ومع أن الله كان قد رفض شاول كملك فى ذلك الوقت , إلا أن باب التوبة لم يكن قد أُغلق أمام شاول بل ظل مفتوحاً حتى آخر يوم فى حياته لعله يربح الملكوت ولو فى آخر ساعات عمره كما حدث مع اللص اليمين.. إلا أن شاول للأسف قاوم عمل النعمة بكل إصرار طريق الهلاك كما سنرى فيمه بعد بينما الله بكل حنانه ومحبته لا يستطيع ان يجبر احداً على السير فى طريق الخلاص ما لم يتجاوب هذا الشخص بإرادته مع نعمة الله.
*** روح ردئ يدخل فى شاول والبحث عن ضارب بالعود ليهدئه
"و ذهب روح الرب من عند شاول, وبغتًهُ روح ردئ من قبل الرب(1صم14:16)
+حتى ذلك الوقت كان روح الرب ملازماً لشاول رغم كل العصيان والتمرد!!!
يا لرحمتك و طول اناتك ومحبتك يارب...
كان إبليس يشعر أن هذا الرجل من نصيبه ويريد أن يدخل فيه ولكن الرب يرفض السماح له, لكى يعطى لشاول أطول فرصة ممكنة للتوبة فلما أصَر شاول على العصيان, فارقه روح الرب, و من ثَمَ دخل فيه الروح الردئ.
"فقال عبيد شاول له: "هوذا روح ردئ من قبل الله يبغتك(=يفاجئك) . فليأمر سيدنا عبيده قدامه ان يفتشوا على رجل يحسن الضرب بالعود. ويكون إذا كان عليك الروح الردئ من قبل الله انه يضرب بيده فتطيب" فقال شاول لعبيده:"انظروا لى رجلاً يحسن الضرب وآتوا به الىّ"
فأجاب واحد من الغلمان:" هوذا قد رأيت ابناً ليسى البيتلحمى يحسن الضرب, وهو جبار بأس و رجل حرب و فصيح و رجل جميل والرب معه"(1صم 16 : 15-18 )
***ملك اختاره الله يخدم ملكاً رفضه الله
و أصبح هناك ملكان: شاول المرفوض, صاحب السلطة وداود المختار من الرب, ولا يزال ملكاً بدون مملكة. وتزداد المأساة, فيختارون داود ليكون خادماً لشاول الذى رفضه الرب .
+ ولم يكن شاول يعلم ان داود قد مسحه صموئيل ملكاً وإلا كان قد قتله... و ربما كان قد قتل صموئيل أيضاً, و قد شهد صموئيل بهذا فى قوله للرب:" إن سمع شاول يقتلنى"(1صم2:16)
+على اية الحالات, ما كان شاول يعرف بمسح داود ملكاً, وما كان داود يتحدث عن هذا الأمر, ولا أحد من أسرته واستمر يخدم شاول فى هدوء.
وفى هذا الموقف نرى مفارقات عجيبة
#داود مسيح الرب المختار من الرب يخدم شاول المرفوض من الرب .
#داود الذى حل عليه روح الرب, يخدم شاول الذى فارقه روح الرب .
#داود الإنسان الروحانى, رجل المزامير والصلوات, يخدم شاول الذى بغته روح ردئ وكان يتبعه ويهيَجه . و قبل داود هذا الوضع.
ربما انسان يقول:" أنا مستعد أن أخدم القديسين و لكن لا أخدم إنساناً عليه روح ردئ... و لكن داود قبل ذلك... و لم تكن مهمة سهلة..
# كذلك إجتاز داود هذه العثرة : أن يرى مسيح الرب عليه شيطان ويظل على احترامه له طول حياته, كمسيح للرب, ولم يخاطبه إلا بعبارة سيدى.. كان داود يحترم هذه المسحة المقدسة و صاحبها, مهما كان شريراً !!! انه مثال لإحترام الكبار والمسحاء مهما كانت طباعهم رديئة... و استمر كذلك فى كل معاداة شاول له.. كان من خلقه احترام الرؤساء أياً كانوا, حتى وهو يري شاول فى أسوأ حالاته!...
***و لكن كيف كان يهدئ شاول كلما بغته الروح الردئ...
هل كان ذلك بالضرب على العود؟ كما قيل عندما جاء الروح من قبل الله على شاول, ان داود اخذ العود و ضرب بيده, فكان شاول يرتاح ويطيب,ويذهب عنه الروح الردئ (1صم23:16)
لكن لم يكن سر القوة فى العود انما فى داود
إن عصا أليشع فى يد جيحزى لم تأت بنتيجة(2مل31:4) إن قوتها تظهر حينما يمسكها أليشع بالإيمان الذى فى قلبه.... و نفس الوضع نقوله مع داوود والعود...
كانت الأهمية فى داود الذى حل عليه روح الرب. و كيف نفسر ذلك؟
شاول كان قد بغته روح ردئ من قبل الرب, أى أخذ من الرب سلطاناً عليه فمن يستطيع إذن أن ينجيه منه؟؟ لا يستطيع ذلك الاَ شخص حل عليه روح الرب وهو داود.
+يقف داود الذى فيه روح الرب بين شاول و غضب الله عليه يراه الروح الردئ فيهرب , ويراه الرب فيرضى ويرفع غضبه عن شاول فيهدأ.
و حقاً قيل عن علاقة داود بشاول انه كان له حامل سلاح (1صم21:16)
#كان له حامل سلاح الروح الذى يهرب منه الروح الردئ...
#شاول الملك لما فارقه روح الله , أصبح شخصاً ضعيفاً يقوى عليه الروح الردئ, فارقته قوة المسحة.و أصبح مسيحاَ للرب بلا مسحة!!!
· كان شاول مَلِكاً بلا مسحة, بينما كان داود مسيحاً بلا مُلك !!!
كان لشاول المظهر الخارجى كملك, و لكن الله ليس معه.. أما داود فكان الله معه,
وأمام الله كان داود هو الملك الحقيقى المختار من الله انما ليس له المظهر الخارجى للملك... كان يكفيه من الملك أن يملك الله على قلبه.
أما شاول فكان ملكاً على الشعب, ولا علاقة له بملكوت الله!
· كان شاول كمدينة غير محصنة, بلا اسوار بلا حاميات تحميها. مدينة مكشوفة يمكن أن يكون للشيطان سلطان عليها... سورها الوحيد كان داود........
فى ذلك الوقت أحب شاول داود(حينما كان يضرب له بالعود ليهدأ)
قيل إنه "أحبه جداً "و أرسل شاول إلى يسَى يقول له: "ليقف داود أمامى لأنه وجد نعمة فى عينىّ"(اصم22:16) . كان قلب شاول وقتذاك صافياً من جهة داود
+ إذن متى تغير قلبه من نحوه؟؟
حدث ذلك حينما هتفت النسوة لداود بعد إنتصاره على جليات, بأسلوب فضَلنه على شاول, فدخل الحسد فى قلب شاول .... وبالحسد دخل شاول فى صراع مع داود..."وصار شاول عدواً لداود كل الأيام(1صم29:18)
*** نتائج الحسد
انقلب الموقف بعد هتاف النساء لداود, ودخل الحسد قلب شاول و صار كل عمل حسن يعمله داود, سبب ضيق و حزن لشاول . كان داود مفلحاً فى جميع طرقه, والرب معه, فلما رأى شاول انه مفلح جداً , فزع منه(1صم15:18)
"وكان شاول يخاف داود, لان الرب معه, بينما فارق شاول فأبعده شاول عنه, وجعله رئيس ألف(1صم13.12:18)
وكان داود محبوباً جداً من الجميع وهذا أيضاً أتعب شاول فماذا يفعل داود المسكين ليرضى شاول الذى يتعبه نجاح داود. ومحبة الناس له, وكون الرب معه!!!!!
أصبح داود لا يستطيع أن يُرضَى شاول, لأن تعب شاول كان من داخله بسبب الحسد والغيرة.
تأمل هنا: ونتذكر انه فى بعض الأوقات لا يستطيع الانسان أن يصطلح مع جميع الناس...
و فى مثل هذه الحالة يمكنه بالإتفاق مع أب اعترافه أن يتناول من الأسرار المقدسة. ما دامت خصومتهم له بسبب شرهم هم و ليس لخطأ منه...
+فى بادئ الامر كان شاول يخفى حقده, ويلجأ إلى طرق ماكرة للتخلص من داود!!!
#لم يرد أن تكون يده عليه, إنما يصَدره إلى الحرب فيموت(1صم17:18). ولم تفلح هذه الطريقة, اذ كان داود شجاعاً ومنتصراً .
# ولجأ شاول إلى طريقة أخرى تبدو فى ظاهرها علامة حب, والمقصود بها موت داود, فعرض أن يصاهره...
"ميكال إبنة شاول أحبت داود, فقال شاول أعطيه اياها فتكون له شركاً(1صم21.20:18)
ذلك الزواج كان يقصد به شاول ضرراً لمن يزوج ابنته!!
فى الظاهر يحقق رغبة ابنته, ويرفع من شأن داود فيصير صهر الملك, أما فى القلب من الداخل فكانت الكراهية والحقد والنيَة السيَئة, إذ طلب ان يكون المهر هو قتل 100 من الأعداء, من جيش جليات وقبل داود, وخرج الى الحرب فقتل 200(1صم27.25:18).
فرأى شاول و علم أن الرب مع داود ....
فهل احترس وخاف من داود ما دام الرب معه؟
كلا !!! بل يقول الكتاب" وعاد شاول يخاف داود بعد وصار شاول عدواً لداود كل الايام(1صم29.28:18)
وهنا بدا كما لو كان شاول يقاوم الله نفسه ....!
ما دام روح الله فارقه, فما كنا ننتظر منه سوى هذا وما دام الروح الردئ يبغته, والحسد يتعب قلبه... فقد كانت هاتان القوتان(الروح الردئ+الحسد) هما اللتان تحركان شاول...
لقد صار شاول أسيراً للشر الذى يوجد داخل قلبه.
كانت خطيئة شاول تقوده من شر إلى شر أشد منه: فى بادئ الأمر كانت تتعبه الغيرة والحسد. فلما استسلم لهما, تحولا فى داخله إلى كراهية وحقد, ثم إلى محاولة سرية وماكرة لقتل داود الذى لم يسئ اليه فى شئ...
ثم إذا بالخطية التى فى داخل القلب, تعلن عن نفسها بلا خجل و بلا خوف فبدأ شاول يصرح لمن هو حوله برغبته فى قتل داود, دون أن يقدم تبريراً لذلك, وأخذ يحرضهم على قتل داود, أى انه دخل فى مرحلة أخرى من الخطية, وهى أن يشرك الغير معه فى شره, و يصير عثرة لهم فى الخلق والتصرف. وفى ذلك يقول الكتاب المقدس:"وكلم شاول يوناثان ابنه وجميع عبيده أن يقتلوا داود"(1صم1:19)
*** قمة صراع شاول ضد داود
شخصية شاول وأسلوبه
1- شاول الملك كان يمثل الإنسان الواثق بنفسه أكثر مما يجب . و يمثل الإنسان الذى يريد أن ينفذ مشيئته الخاصة , ولو ضد مشيئة الله!!!
+أراد شاول أن تكون مملكته مستقلة عن الله!!
مملكة خاضعة لفكرة البشرى ولإرادته البشرية, حتى لو كان هناك روح ردئ يقوده!!
أرادها مملكة منفصلة عن الله وتدخله, يعتمد فيها على ذكائه وشخصيته, وقوته وسلطانه, و ليس على إرشاد الله وتدخله ولا على أوامر نبيَه صموئيل.
+ان ذكاء الإنسان هو عطية الله, عطية سامية ولكنها تضل ان كانت ضد مشيئة الله وإرشاده .
2- الخطأ الثانى لشاول الملك, إنه كان متمركزاً حول ذاته وسلطانه و ملكه ووظيفته...
# رأى أن داود خطر على ملكه, فأراد أن يقضى على داود
ثم رأى أن الله مع داود, فلم يهمه ذلك, ووقف ضد كليهما, ضد الله و داود.
ولما رأى أن الله ينجح طريق داود. إزداد حسداً له, وأحب أن يتخلص منه...
+ إذا تمركز إنسان حول ذاته, لابد أن يصل إلى العناد و الى الجهل .....
اهتم شاول بذاته و لكن ليس بطريقة روحية فالطريقة الروحية هى التى قال عنها داود"أما أنا فخير لى الإلتصاق بالرب"(مزمور28:73) أما شاول فاهتم بنفسه بطريقة فصلت نفسه عن الله فضيَعتها. وانطبق عليه قول السيد الرب:
"من وجد نفسه يضيَعها. ومن أضاع نفسه من أجلى يجدها"(متى39:10)
__________________
متعولش الهم ومتخافشي ربنا موجود ده الهك حى مابينامشي ومالوهش حدود واتطمن روح لطبيب الروح ده الباب مفتوح و ياريت تناديله ولما تجيله الشوك هيشيله