ولدت فى منوف من ابوين غنيين تقيين , نسجت على منوالهما فى حياة التقوى , فلما توفيا جعلت منزلها ماوى للغرباء والمساكين , وظلت تنفق عليهم مالها فى هذا السبيل حتى نفذ . احتال عليها قوم اردياء , واستمالوا فكرها حتى حولت بيتها الى ماخور للفساد , استقبلت فيه كل راغب فى الخطيه . سمع بخبرها شيوخ الرهبان فى برية شيهيت فحزنوا جدا , وكلفوا القديس يوحنا القصير ان يقصدها ليخلص نفسها من الهوه التى تردت فيها . فما ان راها حتى قال لها " لماذا استهنت بالسيد المسيح , واتيت هذا الامر الردىء ؟ " فارتعدت وذاب قلبها من تاثير كلماته . اما هو فانحنى الى الارض باكيا . فقالت له " ما الذى ابكاك ؟" . اجابها " لانى اعاين الشياطين تلعب على وجهك . فلهذا انا ابكى عليك " . فقالت له " هل لى توبه ؟ " اجابها "نعم , ولكن ليس فى هذا المكان " فقالت له "خذنى الى حيث تشاء " فقال لها " تعالى " فنهضت مسرعه خلفه حتى دخل الاثنان البريه . ولما امسى الوقت قال لها " ارقدى هنا " وانتحى هو بعيدا . وفيما هو يصلى فى نصف الليل , شاهد عمودا من نور نازلا من السماء متصلا بالارض وملائكة الله حاملين نفسها . اقترب منها فوجدها قد فارقت الحياه .فالقى ذاته على الارض وصلى الى الله طويلا لكى يعرفه مالها , خصوصا وان الحياة لم تمتد بها لتقدم ثمار التوبه الصالحه . وفيما هو يصلى سمع صوتا قائلا " ان توبتها قد قبلت فى الساعه التى تابت فيها اكثر من الذين تابوا منذ سنين كثيره , ولم يظهروا حرارة توبتهم مثلها " . وبعد ما وارى جسدها التراب مضى فاعلم شيوخ البريه بما جرى فمجدوا الله