آدم أخطأ ، و لم يطلب التوبة ، و لا سعى إليها 00 و إذا بالسيد المسيح ، القدوس الذى هو وحده بلا خطية ، يقف أمام المعمدان ، كتائب ، نائباً عن آدم و ذريته ، مقدماً عنهم جميعاً معمودية توبة فى أسمى صورها 0
حمل خطاياهم ، ليس فقط أثناء صلبه ، و إنما فى حياته أيضاً كإبن للبشر 0 و لذلك سر الآب به و قال : " هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت " 00
إن الله لا يسر بتبر الإنسان لذاته ، و بأن يلتمس لنفسه الأعذار كما فعل آدم و حواء ، اللذين بدلاً من أن يدينا نفسيهما أمام الله ، أخذ كل منهما يلقى بالذنب على غيره 0
أما السيد المسيح ، فلم يلق ذنباً على غيره ، و إنما أخذ ذنب الغير ، و حمله نيابة عنه ، و قدم عنه معمودية توبة ، و أفرح بكل هذا قلب الآب ، فقال : " هذا هو ابنى الحبيب الذى به سررت " 0
الذى بلا خطية ، صار حامل خطية ، من أجلنا 00
لم يخجل من أن يتقدم وسط صفوف الخطاة ، ليطلب العماد من يد عبده يوحنا 0 و لما استحى منه هذا النبى العظيم ، أجابه فى وداعة " إسمح الآن 0
لأنه يليق بنا أن نكمل كل بر " 00 و أعطاناً بهذا درساً عملياً فى حياتنا 0
و أعطاناً درساً أن نحمل خطايا الغير 00
و أن ندفع الثمن نيابة عنهم ، بكل رضى 00 و أن لا نقف مبررين لذواتنا ، مهما كنا أبرياء 00 و أننا بهذا نكمل كل بر00 أتراك تستطيع أن تدرب نفسك على هذه الفضيلة ؟
إن القديس يوحنا ذهبى الفم يقول :
إن لم تستطع أن تحمل خطايا غيرك و تنسبها إلى نفسك ، فعلى الأقل لا تجلس و تدين غيرك و تحمله خطاياك 00
إن لم نستطع أن نحمل خطايا الناس ، فعلى الأقل فلنحتمل خطايا الناس من نحونا ، و لنغفر لهم 00 بهذا نشبه المسيح ، بهذا نستحق أن ندعى أولاد الله 0 و بالحنان الذى نعامل الناس ، يعاملنا الله 00
كثيرون يخلطون فى تصرفاتهم بين العنف و الحزم 0
الحزم مقبول حينما يلزم 0 أما العنف فإنه منفر 00
حينما استشار رحبعام الشيوخ ، و الشباب : نصحه الشيوخ بالموقف اللطيف الطيب ، و نصحه الشباب بالعنف 0 و نفذ الرأى القائل بالعنف 0 و نفذ الرأى القائل بالعنف ، فخسر كثيراً ، و تمزقت المملكة ( 1مل 12 ) و و فشلت سياسة العنف التى اتبعها رحبعام 0
و قد وقف الله ضد عنف فرعون ، صعد صراخ الناس إلى الرب من جراء هذا العنف ، فنزل لإنقاذهم 0
كان عيسو و يعقوب أخوين ، و كان عيسو يمثل العنف ، و كان يعقوب يمثل اللطف و الهدوء 0 و يقول الكتاب إن الله أحب يعقوب حتى قبل أن يولد 00
الإنسان العنيف ، ربما تكون فى داخله قساوة قلب 0 أما الوديع فيتميز بالحنو و الحب و العطف 0
الإنسان العنيف ، ربما تسند عنفه كبرياء داخلية 0 أما الوديع فإنه يكون متواضعاً فى معاملاته 0 و قد أمتدح الرب الوداعة و الإتضاع ، فقال " تعلموا منى ، لأنى وديع و متواضع القلب " 00
العنف يمكنك أن تخضع به الناس بالقوة و تسكتهم ، و لكنك لا تستطيع به أن تكسب محبتهم 0
إنه يصلح لإخضاع الأشرار ، الذين يلزمهم الردع خوفاً من إيذائهم لغيرهم ، و لكنه لا يصلح فى التعامل مع النفوس الهادئة الوديعة ، و يفشل تماماً مع النفوس الحساسة 0
العنف هو السلاح الأخير الذى يلجأ إليه الحكيم ، حينما تفشل كل الوسائل الهادئة 0
و لكنه لا يمكن أن يكون أسلوب التعامل الدائم 0 و ليس من الحكمة البدء بالعنف ، قبل الأساليب الهادئة 0
فرق كبير بين " إنسان عنيف " أى أن العنف قد صار جزء من طبعه ، و إنسان آخر هادئ عموماً فى طبعه ، و لكنه يستخدم العنف للضرورة ، حينما لا تصلح الأمور إلا به 0 هنا نسميه حزماً 00 وأحياناً يوجد حزم بدون عنف 00
يوجد فى حياة الفضيلة مستويات ، نذكر من بينها :
المستوى الروحى ، و المستوى الإجتماعى 0
الإنسان الممتاز روحياً ، لابد أن يكون ممتازاً إجتماعياً و لكن الإنسان الإجتماعى ، لا يشترك أن يكون روحياً 0
ربما يستطيع الشخص الإجتماعى أن يكسب محبة الوسط المحيط به ، بطرق لا يستطيعها الروحى ، فى مجال الدعابة و الترفيه 00 و بأسلوب قد يكون فيه الملق ، أو الكذب 0 و قد يساعد غيره بطرق لا يقبلها ضمير الإنسان الروحى 00
و هكذا ينجح الإجتماعى فى كسب الناس بطريقة غير روحية 00
و الشخص الروحى يحب أن يكسب الناس ، و لكن بطريقة لا يخسر بها الله ، و لا يفقد بها نقاوته 00 ومن هنا أختلفت مقاييس ما يليق و ما لا يليق 00
كذلك فإن الشخص الروحى ، ليس هدفه فقط أن يكسب الناس لنفسه ، و إنما أن يكسبهم لله قبل كل شئ 0 فروحياتهم مهمة عنده كروحياته تماماً 0
و الشخص المثالى هو الذى يجمع الأمرين معاً : فيكون إجتماعياً ناجحاً ، محبوباً من الناس ، و فى نفس الوقت يكون أسلوبه روحياً سليماً لا خطأ فيه 0
سهل جداً على شخص روحى ، أن يدرب نفسه على الصمت 0 فلا يخطئ بلسانه 00 و لكن أقوى منه ، الروحى الذى يتكلم ، و ليس فقط لا يخطئ ، بل من الناحية الإيجابية ، يفيد غيره ، و يكون محدثاً لبقا يفرح الناس بحديثه 00
سهل جداً أن يمتنع إنسان روحى عن الفكاهة ، و يكون جاداً بإستمرار 0 و لكن قليلين يستطعيون أن ينسجموا مع جديته الدائمة ، و يسعدهم أن يروا إنساناً روحياً ، هو فى نفس الوقت شخص بشوش مرح ، يضحك معهم دون أن يخطئ ، و دون أن يخطئوا 0
الروحانية ليست تزمتاً ، فالتزمت ينفر الناس 00
و الروحانية لا ترتبط بالوحدة فى بعدها عن المجتمع و أخطائه ، و إلا كان الدين لا يصلح للمجتمع 00 إنما من الروحانية التكيف مع المجتمع ، و هو مستوى أعلى من المستوى الإجتماعى 0 و ليس من الحكمة أن يجعله البعض أقل منه 0 و إلا كان ذلك لوناً من الإنطواء00
من الأمثلة المشهورة " قليل دائم خير من كثير متقطع " 0
و هذا المثل يصلح ايضاً للحياة 0 كثيرون يقفزون قفزات عالية سريعة ، ببدايات فوق طاقتهم ، لا يستطيعون أن يستمروا فيها ، فيرجعون إلى الوراء و ما تليث أن تملكهم الكآبة ثم اليأس 00
و الوضع الروحى السليم ، أن يبدأ الإنسان بما فى مستواه ، لأن القليل الدائم يعطى ثباتاً فى الحياة الروحية 0
بينما الكثير الذى لا يثبت ، يسبب إرتباكاً ، و يدل على عدم نظام ، و عدم السير حسب مشورة حكيمة 0
إن من يصوم بدرجة معتدلة ، ينمو فيها قليلاً ، حتى يصل إلى مستوى روحى قوى 00 هذا أفضل ممن يبدأ بمستوى عال لا يقدر عليه ، فيظل ينحدر شيئاً فشيئاً ، و كأنه لم يسر فى الطريق بعد 00 و لكن القليل الذى نقصده هو القليل الذى فى مستوى قدرتك ، و ليس القليل الذى يعنى التكاسل 0 و الله قادر أن يبارك القليل ، و أن ينميه 00 يجب أن تسير فى روحياتك على أرض ثابتة 0 تخطو الخطوة التى لا نرجع منها ، بل تتعداها إلى غيرها ، و تكسب خبرة كل خطوة 00
كثيرون يطلبون كلمة منفعة0 ولكن هل كلهم ينتفعون ؟ إن المنفعة لها و لا شك مصدران0
الأول : أن تكون الكلمة ، كلمة نافعة ، صالحة لبنيان 0 و الثانى : أن يكون السامع من النوع الذى ينتفع 0
الذى يحب أن ينتفع ، يمكنه أن ينتفع حتى من كلمة التوبيخ ، حتى من الكلمة القاسية ، حتى من الكلمة التى تقال لغيره و ليس له 00
إننا مازلنا ننتفع من الكلمات التى قالها الآباء لأناس عاشوا فى أيامهم ، فى غير جيلنا 00
إن كلمات المنفعة موجودة : إن أردناها بنية صادقة ، نجدها أمامنا 00 فالكتب مملوءة بكلام المنفعة ، و أفواه المرشدين تفيض حياة ، لمن يريد الحياة 00
و لهذا بعد أن قال السيد المسيح كلمات منفعة لكل من ملائكة الكنائس السبع ، قال بعدها مباشرة : من له أذنان للسمع فليسمع "
إن كلمة المنفعة ، تحتاج إلى أذن للسمع 00 تحتاج إلى حب المنفعة ، و أن تتعاون مع هذا الحب ، إرادة منفذة 00
لأن المعرفة وحدها لكلام المنفعة لا تكفى ، فالمعرفة وحدها دينونة ، لأن " الذى يعرف أكثر يطالب بالأكثر " 00 و قد قال السيد " الكلام لأن " الذى يعرف أكثر يطالب بالأكثر " 00 و قد قال السيد " الكلام الذى أقوله ، هو يدينهم فى اليوم الأخير " 00
إن أناساً سمعوا السيد المسيح ، و لم ينتفعوا من سماعهم ، بل إن أحدهم مضى حزيناً 00
و كثيرون سمعوا فأعجبوا بالكلام ، و لكن لم ينفذوا 0 و البعض سمعوا بولس الرسول ، فقالوا : ماذا يريد هذا المهذار أن يقول ؟ 1 00 و لم ينتفعوا حتى من كلام بولس 0
كلمة المنفعة كانت موجودة ، و لكن موجودة بلا منفعة !
و أمنا حواء سمعت الكلمة من الله ، ورددتها بحذافيرها ، و لم تنتفع ، بل وقعت فى نفس اليوم 00 إن الناس يطلبون كلمة منفعة ، و لكن هل المنفعة هى بمجرد الكلام ؟ !
كثير من الناس فى عبادتهم ، و فى علاقتهم بالله ، يهتمون بالشكليات ، و يتركون الجوهر 0
ففى الصلاة مثلاً ، يقفون أمام الله ، و يكلمونه ، و يهتمون بالكلام و كثرته 0 و كل هذه شكليات ، لأن جوهر الصلاة ، هو الصلة التى تربط الإنسان بالله ، الشعور بالوجود فى الحضرة الإلهية 00
و فى الصوم ، يركزون على فترة الإنقطاع ، و نوع الأكل ، و هذه أيضاً شكليات 0 أما جوهر الصوم من حيث عنصر المنع ، و المسيطرة على الذات ، و ضبط الجسد و الأرتفاع فوق مستوى المادة و الأكل ، هذا ما يغفله الكثيرون 0
و فى الإستعداد للتناول كثيراً ما يهتم الناس بطهارة الجسد ، بوضع شكلى ، دون الإهتمام بجوهر الطهارة جسداً وروحاً !
و فى قراءة الكتاب المقدس ، يهتم البعض بكمية القراءة ، و المواظبة عليها ، و هذا شكل أما الجوهر فهو القراءة بفهم و تأمل ، و الغوص وراء المعانى و تحول القراءة إلى روح و حياة 00 و بعض الناس يدخلون الحياة الرهبانية ، فيهتمون بالشكل الخارجى ، ومن جهة المطانيات و عددها و كثرتها ، و الأصوام و انقطاعها و شدتها ، و الحبس فى القلاية ، و الصمت ، و عدم الإهتمام بالملبس 00 أما نقاوة القلب من الداخل ، و الموت الحقيقى عن العالم ، و هدف الرهبنة فى الإنشغال بالله و محبته ، هذا ما ينسونه وسط الإهتمام بالشكليات ! فقد يشغل كل إهتمامنا ، ماذا نقول 00 أما تأثير ما نقوله فى تغيير قلوب الناس ، و فى توصيلهم إلى محبة الله ، فهذا ما يغفله الكثيرون 00 و قد تكثر فى الخدمة الأنشطة العديدة ، و التنظيمات ، و الأسماء البراقة ، و كلها شكليا و العمق معروف ، الذى هو الهدف من الخدمة ، أعنى خلاص النفس 00 و لكن أين هو ؟ !
إن الشكليات لا تبنى الملكوت إطلاقاً ، بل هى تذكرنا بما قاله الرب عن الكتبة و الفريسين الذى ينظفون خارج الكأس و الصحفة ، و الذين يشبهون القبور المبيضة من الخارج ، أما الداخل 00 فعكس ذلك تماماً 00
الله لا يهمة الشكليات ، لذلك قال " يا إبنى أعطنى قلبك " و لهذا لا يهتم بحرفية الوصية ، إنما أهتم بما فيها من حب ، و قال عن المحبة ، إنه يتعلق بها الناموس كله و الأنبياء 00
كثير من التجارب تأتى من جسد الشياطين 00
فإن وجد الشيطان شخصاً ناجحاً فى روحياته ، مرتفعاً إلى فوق ، يثور حسده ، و يهجم عليه بالتجارب ، ليرى ما مدى ثباته فى حياة الروح 00
و هذا هو الذى حدث مع السيد المسيح له المجد 00
لم يسترح الشيطان للمجد العظيم الذى ناله السيد المسيح عند نهر الأردن 0 من شهادة الآب له " هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت " و شهادة الروح القدس الذى حل عليه كحمامة ، و شهادة يوحنا المعمدان " لست مستحقاً أن أنحنى و أحل سيور حذائه " 00 لذلك سعى وراءه بالتجارب على الجبل 0 إن حرب الشياطين تكون أحياناً شهادة لنجاح العمل الروحى ، وبه يطمئن الشخص على عمله 0
و تجارب الشياطين على نوعين : ضيقات و إغراءات 00
الضيقات لا تؤذى ، بل تفيد ، و تعلم الإنسان الصبر ، تعطيه إختباراً فى معونة الله 0 و عنها قال يعقوب الرسول " إحسبوه كل فرح يا إخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة " 0
أما التجربة بالخطية فهى الشئ المتعب 00 إذ قد تلح الخطية على المؤمن عملاً أو فكراً بطريقة قاسية ، و مع رفضه لها ، تستمر فى مقاتلته ، فيصرخ إلى الله و يقول " لآ تدخلنا فى تجربة " 00
و التجارب تدل على أن الشيطان لا ييأس 00
لا ييأس مهما كانت عظمة الشخص الذى يحاربه أو قوته ، كما حدث فى جرأته فى محاربته للسيد المسيح 0 و لا ييأس أيضاً من طول المدة 0 فقد حارب السيد المسيح أربعين يوماً 0 و على الرغم من فشله و طرد الرب له ، فارقه إلى حين ، و عاد للتجربة حتى و الرب على الصليب 0
و نحن لا نخاف من حروب الشياطين 00
فالنعمة التى معنا ، أقوى بكثير من كل حيل الشياطين ، و الروح القدس العامل فينا ، قادر على قهر الشيطان ، كما أن الله أعطانا السلطان على جميع الشياطين 00
و كما انتصر السيد المسيح على كل تجارب الشيطان ، أعطى طبيعتنا البشرية روح النصرة ، و أصبح يقودنا من موكب نصرته 0 ليكن الرب مباركاً فى تجاربنا ، كما فى عبادتنا 0
الله خلق كل شئ ، لأجل روحياتك 00السماء و الأرض ليسا فقط لنفعك المادى ، و إنما لنفعك الروحى أيضاً ، إن استعطت أن تستخرج ما يقدمان من دروس روحية " السماء تحدث بمجد الله ، و الفلك يخبر بعمل يديه " ( مز 19 )
و الكتاب ، ليس لأجل المعرفة الدينية ، و إنما لأجل نموك الروحى " الكلام الذى أقوله لكم ، هو روح و حياة "0 و فرق كبير بين قراءة الكتاب للدراسة ، و قراءته للإستفادة الروحية0
و الخدمة ايضاً ليست مجرد تعليم ، و إنما التعليم هو مجرد وسيلة توصل إلى الروحيات 0 و لذلك يوجد فرق بين تعليم و تعليم 0
هناك تعليم يخاطب ذهنك ، و تعليم يملأ قلبك 0 تعلم يحولك إلى عالم ، و تعليم آخر يحولك إلى عابد 00
و التعليم الذى تقوله ، ليس هو لروحيات الآخر ين فقط ، إنما أيضاً لروحياتك أنت بالذات 0
تنتفع كما ينتفع سامعوك 0 و إن كنت لا تنتفع معهم ، فيقيناً هم أيضاً سوف لا ينتفعون بما تقول ، لأم الكلام يكون قد فقد تأثيره الروحى 0
و الألحان و التراتيل فى الكنيسة ، ليست هى مجرد موسيقى و أنغام 0 إنما هى صلوات موجهة إلى الله ، و لها عمقها ، و لها تأثيرها فى قلبك و فى روحياتك 00
و لهذا هناك فرق بين من يغنى ، و من يرتل 00
بنفس الوضع نتكلم عن كل الوسائط الروحية بل كل الأحداث التى تمر عليك ، سمح بها الله ، من أجل أن تأخذ منها منفعة روحية 00
هناك من ينفعل بالأحداث عصبياً ، أنفسياً ، أو عقليا 0 و هناك من ينفعل روحيا بكل ما يمر من أحداث ، فيقربه كل شئ إلى الله 00
و أيضاً كل من يقابلك من الناس ، أرسلة الله إلى طريقك لفائدتك الروحية ، لو عرفت كيف تستفيد منه 0
الأبرار يقدمون لك قدوة و بركة ، و الأشرار تستفيد منهم احتمالاً و صبراً و مغفرة للآخرين 0
التوبة درجات و خطوات يسير فيها الإنسان :
1-الخطوة الأولى هى الشعور بسوء الحالة و الرغبة فى تغييرها ، كما حدث بالنسبة إلى الإبن الضال ، الذى رجع إلى نفسه ، و شعر بأنه يكاد يهلك جوعاً ، ووجد أن الحل الأمثل
هو فى الرجوع إلى أبيه 0
2-الخطوة الثانية هى ترك الخطية ، و الإبتعاد عن كل الطرق المؤدية إليها 0 و المقصود بترك الخطية ، ليس ترك خطية معينة و إنما ترك الخطية عموماً 0
3-و فى هذه النقطة يبدأ الإنسان يكتشف نفسه 0
و كلما ينمو فى الروح 0 يكتشف أخطاء جديدة له لم يكن يدركها من قبل ، فيعمل على تركها 0 و هكذا يدخل فى مراحل كثيرة من تنقية النفس ، حتى ترجع إلى صورة الله
3-و ترك الخطية فى حياة التوبة ، ينبغى أن يكون تركاً دائماً ثابتاً فلا يرجع إلى الخطية مرة أخرى 0 و هكذا كانت توبة القديسين 0 لم نسمع أن أوغسطينوس رجع إلى الخطية مرة أخرى 0 و كذلك موسى الأسود ، ومريم القبطية و بيلاجيه 0 كانت التوبة فى حياة كل هؤلاء ، تحولاً ثابتاً نحو الله ، و بلا رجعة إلى الخطية
4-على أن كمال التوبة- كما قال القديسون - لا يكون مجرد ترك الخطية ، و إنما يكون كراهية الخطية 0
فالذى يترك الخطية بالفعل ، و لكنه يظل مشتاقاً إليها بالقلب 0 لا يكون قد تاب على وجه الحقيقة ، و لأن قلبه لم يتب عنها و هو معرض أن تحدث له نكسة من جهة الفعل ايضاً 0 و على كل فالقلب هو الأساس و الرب بقول " يا إبنى أعطنى قلبك "
5-و مثل هذا التائب لا يستطيع أن يخطئ ، لأن كل مشاعره ورغباته أصبحت لا تتفق مع الخطية ، و لا تقبلها 0 كما أنه لا يحتاج إلى جهاد للبعد عن الخطية ، لأنه يبعد عنها تلقائياً ، لكراهيته لها 0
6-و التوبة الحقيقية ينبغى أن يكون لها ثمار 0
كما قال الكتاب " إصنعوا ثماراً تليق بالتوبة 00 و أول هذه الثمار محبة لله تملك القلب ، تغير الحياة ، و تثمر بالبر
ما أعظم محبة الله لنا 0 يكفى أن الله محبة 00 و نحن " نحبه لأنه أحبنا قبلاً " 00
أحبنا قبل أن نكون ، و من أجل ذلك خلقنا 00 و من محبته لنا ، خلقنا على صورته ، كشبهه و مثاله 0
و أعد لنا كل شئ قبل خلقنا ، رفع السماء لنا سقفاً ، مهد لنا الأرض لنمشى عليها 0 و أعد لنا النور ، و الماء ، و النبات ، و الجنة 00 ثم خلقنا 0 و لما سقطنا فى الخطية ، أعد لنا طريق الخلاص 0 من محبته لنا أرسل لنا الأنبياء لهدايتنا ، ووضع فينا الضمير ، و أرسل لنا الشريعة المكتوبة لتنير بصائرنا 0
و من محبته لنا ، تجسد ، أخذ طبيعتنا ، و بارك طبيعتنا فيه ، و ناب عنا فى إطاعة الناموس ، و فى إرضاء الله الآب ، إذ قدم له صورة من البشرية التقية 0
و من محبته لنا ، مات عنا " البار لأجل الأثمة " 00 " هكذا أحب الله العالم ، حتى بذل إبنه الوحيد " 00
على الصليب صار ذبيحة حب 0 و حمل خطايا العالم كله ، لكى يمحوها بدمه " و الذى بلا خطية ، حسب خطية من أجلنا " و دفع الثمن كله ، بدلاً منا " كان قد أحب خاصته الذين فى العالم ، أحبهم حتى المنتهى " ، " ليس حب أعظم من هذا ، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه "
و من محبته لنا ، قال " لا أعود أسميكم عبيداً ، بل أحباء "
ودعانا أخوته ، و " شابه أخوته فى كل شئ " و صرنا ابناء للآب السماوى " أنظروا أية محبة أعطانا الآب ، حتى ندعى أولاد الله " 0
و من محبته لنا ، مضى ليعد لنا مكاناً ، و يأخذنا إليه ، حتى حيث يكون هو نكون نحن أيضاً 00 و قال فى محبته لنا " ها أنا معكم كل الأيام ، و إلى إنقضاء الدهر " ، " حيثما اجمتع إثنان أو ثلاثة بإسمى ، فهناك أكون فى وسطهم " 0 و من محبته لنا : حفظه ورعايته لنا فى كل شئ 0
من محبة الله لنا ، أنه يعتبرنا منه 0 فيقول " أنا الكرمة و أنتم الأغصان " ، و يقول أننا " أعضاء جسده " أو إنه الرأس ، و الكنيسة كلها هى الجسد ، و يقول أيضاً " إثبتوا فى ، و أنا فيكم ، كما تثبت الأغصان فى الكرمة " ( يو 15 ) ، و يقول عنا للآب " أنا فيهم ، و هم فى ليكونوا مكلمين إلى واحد " ( يو 7 )
*و ما أجمل تعبير الكتاب عن محبة الله لنا ، فى قوله " شركاء الطبيعة " و أيضاً " شركة الروح القدس " 0 و هى طبعاً ليست شركة فى الطبيعة أو الجوهر ، و إنما شركة فى العمل 0 و لذلك يقول بولس عن نفسه وزميله سيلا " نحن عاملان مع الله " ( 1كو3 ) 0
*و من مظاهر محبة الله لنا ، و الصداقة التى أقامها بينه و بين بنى جنسنا 0
مثل إبراهيم الذى قيل عنه إنه خليل الله ، و أخنوج الذى قيل عنه " وسار أخنوج مع الرب ، و لم يوجد لأن الله رفعه إليه ، و مثل موسى الذى قضى أربعين يوماً مع الرب على الجبل 0 و مثل تلاميذ الإثنى عشر ، و عشرته لهم 00
*و جميل أيضاً أن الله جعل لذته فى بنى البشر 00
و أنه هوغير المحدود ، تنازل إلى البشر المحدود و تفاهم معهم ، و تراءى لهم و تحدث إليهم فماً لأذن
*و من محبة الله لنا أيضاً كل صور الرعاية العجيبة التى حكاها لنا التاريخ ، مثل شق البحر الأحمر ، و المن و السلوى فى البرية ، و تفجير الماء من الصخرة ، ورعاية إيليا من المجاعة ، و انقاذ بطرس من السجن ، و دانيال من جب الأسود ، و الثلاثة فتية من أتون النار 00 مع قصص لا تنتهى 0
*و من علامات محبة الله ، وعودة الجميلة لنا :
" نقشتكم على كفى " ، " حتى شعور رؤوسكم محصاه " ، " أعطيكم قلباً جديداً " ، " لا يستطيع أحد أن يخطف من يد أبى شيئا " ، " أنا ماض لأعد لكم مكاناً " 00
*و من دلائل محبة الله للإنسان ، مواهبه له 0
موهبة الخلود ، و موهبة القيامة على شبه جسد مجده ، ومواهب الروح القدس المتعددة 00 مبارك الرب فى محبته 0
المحبة تختبر بالألم ، و تختبر بالضيقة ، و البذل 0
و الذى لا يستطع أن يبذل ، هو إنسان لا يجب 00 فإذا أحب ، بذل كل شئ
إبراهيم أبو الآباء ، من أجل محبته لله ، ترك أهله و عشيرته و بيت أبيه ، و عاش متغرباً فى خيمته 00 و لكن حب إبراهيم لله و صل إلى قمته ، حينما وضع إبنه وحيده الذى يحبه ، على المذبح ، و حوله الحطب و النار ، ورفع يده بالسكين ، ليبذل إبنه 0
وحينما أحب دانيال الرب ، بذل نفسه ، ورضى أن يلقى إلى جب الأسود ، و كذلك الثلاثة فتيه ، يرهنوا على محبتهم ببذلهم أنفسهم ، ليقلوا فى أتون النار 00 بولس الرسول ، قال فى حبه للسيد المسيح :
" خسرت كل الأشياء ، و أنا أحسبها نفاية ، لكى أربح المسيح وأوجد فيه
آباونا الشهداء ، وآباؤنا المعترفون ، من أجل محبتهم للرب بذلوا دماءهم أو حياتهم أو راحتهم ، و دخلوا إلى العذاب و لم يخافوا من أجل عظيم حبهم 00
هناك عوائق تمنع الإنسان من البذل : هى محبة الراحة ، أو محبة الكرامة ، أو محبة الذات00 أما الحب الحقيقى ، فلا تهمه الراحة و لا الكرامة و لا الذات 00
إنه يبذل كل شئ ، من أجل من يحبه 00 يعقوب أبو الآباء ، عندما أحب راحيل ، بذل من أجلها الشئ الكثير 0 تعب من أجلها عشرين سنة ، تحرقه الشمس بالنهار ، و البرد بالليل 00 و كل هذه السنوات ، كانت فى نظره كأيام قليله بسبب محبته لها 0
و أنت ماذا بذلت من أجل المسيح ، الذى بذل ذاته من أجلك على الصليب ؟
الذى يحب ، يبذل ذاته من أجل الله ، و الناس 0 و يتدرب أولاً على بذل ما هو خارج ذاته ، كالمال ، و الوقت ، و القنية 00 أما الذى لا يستطيع أن يبذل ما هو خارج ذاته ، فكيف يبذل ذاته ؟! إن كنت لا تستطيع أن تبذل ، فأنت لا تحب غيرك ، إنما تحب ذاتك فقط
حقاً إن الله عنده حلول كثيرة 00
نحن نفكر فى مشاكلنا بعقلنا البشرى ، و علقنا محدود ، أما الله فهو غير محدود فى معرفته و فى حكمته 0
و حينما تضيق الأمور ، يكون ضيقها نسبياً ، أى بالنسبة إلينا نحن البشر 0 أما بالنسبة لله ، فلا ضيق 0 كل شئ سهل ، و الحلول كثيرة 0
إنه يتدخل فى الوقت المناسب ، و بالطريقة المناسبة ، و ربما بحلول ما كانت تخطر لنا على بال ، و ما كنا نفكر فيها أو نتوقعها 00
و غير المستطاع عند الناس ، مستطاع عند الله 00 بل عندالله كل شئ مستطاع ، إذ لا يعسر عليه أمر كما قال أيوب الصديق 0 إن الله ضابط للكل ، يرى كل شئ ، و لا يخفى عليه تدبير ، يدبر فى الخفاء أو الظلام 0 الكل مكشوف أمام عينيه ، و الرد عليه معروف 0
لذلك حسناً قال موسى النبى " قفوا و انظروا خلاص الرب 0 الرب يقاتل عنكم ، و أنتم تصمتون " 0
و حلول الرب قوته ، خلاصه عظيم 00 و المؤمنون بنتظرون خلاص الرب فى رجاء ، و يفرحون بالرجاء 00و عمل الله من أجلهم فى القديم ، يزيد إيمانهم بعمل الله الآن و فى المستقبل ، و كل حين 00 الله هو الله ، لا يتغير ، فى محبته و حفظه 00 هكذا قال المزمور : الرب يحفظك من كل سوء ، الرب يحفظ نفسك ، الرب يحفظ دخولك و خروجك 0
و نحن فى حياتنا ، نتعامل مع الله ، و ليس من الناس ، نحن و الناس جميعاً فى يديه 0 و ليس أحد مستقلاً عن الله ، و خارجاً عن سلطانه 00 لذلك نحن مطمئنون إلى عمل الله معنا
وواثقون بتدخله ، مستمعين إلى أنشودة المرتل : أنتظر الرب ، تقوا و ليتشدد قلبك ، و انتظر الرب 0 ليكن إسم الرب مباركاً كل حين 00
المشكلة وحدها ، بدون الله ، قد تسبب تعباً للبعض 0 و لكن المشكلة ، مع وجود الله ، لا تسبب تعباً 00
بل الرجاء بالله و تدخله ، يعطى القلب فرحاً و اطمئناناً 0 و كما قال الرسول " 00فرحين فى الرجاء " ( رو 12 ) 0
+ هل كان " حب الأسود " مخيفاً لدانيال ؟
يقيناً ، لم يكن كذلك ، مادامت معه عبارة : " إلهى أرسل ملاكه ، فسد أفواه الأسود "
+ وهل كان نار الأتون مصدر ضياع للثلاثة فتية ؟
كلا ، لم تكن كذلك ، ما دام هناك (رابع ) سبيه بأبناء الآلهة ، يتمشى معهم داخل الأتون 0
+ و هل كان منظر جليات الجبار ، مرعباً لداود ؟
إنه كان كذلك بالنسبة لأفراد الجيش ، الذين و اجهوا جليات و تهديداته ، بدون الرب 0 أما داود فكان قوياً ، لم يزعجه جليات و تهديداته لأنه أدخل الرب إلى الميدان ، قال : الحرب للرب 0 أنا آتيك باسم رب القوات 00 اليوم يحبسك الرب فى يدى 00
+ إن شعورنا بوجود الله معنا ، هو سبب كل اطمئناننا ، فإسم الرب برج حصين ، يلجأ إليه الصديق و يتمنع 0 " الرب يحفظك من كل سوء 0 الرب يحفظ نفسك " 00 " الرب يحفظ دخولك و خروجك " هكذا قال المزمور 00 " جعلت الرب أمامى فى كل حين 0 لأنه عن يمينى فلا أتزعزع " حقاً ، إن إدخال الرب فى المشكلة ، يحلها 00
+باسم الرب ، وقف إيليا النبى أمام آخاب 00
و باسم الرب ، وقف موسى و هارون أمام فرعون 00 و باسم الرب ، وقف بولس ، أمام فستوس و أغريباس 00
+ كان الرب هو قوة هؤلاء القديسين و أمثالهم 0
و فى ذلك قال المرتل " قوتى و تسبحتى هو الرب ، و قد صار لى خلاصاً " ، " الرب نورى و خلاصى " 0
+ إننا نتعامل مع الله ، و ليس مع الناس 00 و نضع الرب أمامنا ، فى كل مشاكلنا ، فيعطينا قوة 0 إن ضعف يوماً ، فاعرف إن نسيت قوة الله 0
نحن ننظر إلى الأمور ، بطريقة معينة ، و من زاوية معينة فنراها بشكل ما 0 و لكن رؤيتنا ليست كل شئ 0
هناك رؤية أخرى ، و بالإيمان ، توافق ما يراه الله 0
*ماذا نرى فى بيع يوسف كعبد بواسطة أخوته ؟ و ماذا نرى فى سجنه ، بعد كل إخلاصه لبيت فوطيفار ؟ لا نرى فى كل ذلك سوى الشر و الغيرة و الخيانة 00 و نرى فى ذلك أيضاً الظلم و سوء المصير 0 أما الله فكانت له رؤية أخرى للأمور 0 كانت هذه هى الطريقة التى سيتمجد بها يوسف 0
*و ماذا نقول نحن عن تصرف يهوذا الأسخريوطى ، سوى الخيانة فى أحط صورها ؟!
و ماذا نقول عن تصرف بيلاطس البنطى ، سوى أنه الجبن و الظلم و الأستسلام للشر ؟!
و ماذا نقول عن حنان و قيافا ، سوى الحسد و الكذب و التآمر ؟! و نرى أن كل ذلك ما كان يجب أن يحدث 0 و لكن الله كانت له رؤية أخرى 0 كان يرى الخلاص نتيجة الصلب الذى سببه هؤلاء إنه الله الذى يحول الشر إلى خير 0
ليس معنى هذا أن شرور هؤلاء خير !
كلا ، و لكن الرؤية الأخرى هى أن الله قادر أن يخرج من الحافى حلاوة 0 و أن يحعل كل الأمور تؤول إلى مجد إسمه القدوس 0
*ركب يونان سفينه ، هاجت عليها الأمواج حتى كادت تنقلب ، و حتى ألقى الناس أمتعتهم فى البحر 0 و هم فى غاية الإنزعاج و الخوف 00 فهل كان كل ذلك شراً ؟ أم كانت لهذه الكارثة البحرية رؤية أخرى 0
الرؤية الأخرى هى أن هذه الأمواج من البحر الصاخب ، كانت سبباً فى إيمان أهل السفينة
*لا شك أن رؤيتنا نحن قاصرة 00 فقد ترى التجربة ، و لا ترى البركة التى سيحققها الله حتما من وراء هذه التجربة 0
و لكننا بالإيمان نرى هذه البركة ، واثقين " أن كل الأشياء تعمل معاً للخير ، للذين يحبون الرب " 0
الإخلاص هو نقاوة الحب ، و صدق العاطفة ، و مشاعر الوفاء يقدمها لك مخلوق تثق بمودته0
و يبدو الإخلاص على حقيقته فى أوقات الضيقات ، أو أن معدنه يمتحن فى وقت الضيقة 0
بهذا الإخلاص قال القديس بطرس الرسول للسيد المسيح " ولو أدى الأمر أن أموت معك " و قال السيد المسيح لتلاميذه : أنت الذين ثبتم معى فى شدائدى 0
و بهذا الإخلاص وقفت المريمات و يوحنا الحبيب حول المسيح أثناء صلبه ، و بنفس الإخلاص تقدم يوسف الرامى إلى بيلاطس يطلب جسده ليكفنه مع نيقوديموس 0
و لم يبال أحد من هؤلاء فى إخلاصه ، بماذا يقال عنه ، أو بماذا يحدث له 0
الإخلاص يتميز بالبذل ،و فيه ينسى الإنسان ذاته ، و لا يذكر إلا حبه و من يحبه 0 و يحكى لنا الكتاب إخلاص راعوث لحماتها نعمى ، و قولها لها " حيثما ذهبت أذهب ، و حيثما مت أموت " 0 بالإخلاص عاش يوناثان مع داود ، و اضطره الأمر أن يحتمل توبيخ أبيه و غضبه ، بسبب محبته لداود 0 و بنفس الإخلاص أحسن داود إلى كل من وجده من أسرة يوناثان بعد وفاته 0
وبالإخلاص قدم الشهداء أنفسهم حباً للمسيح ، تحمل المعترفون كل صنوف العذاب من أجله
و هناك من أخلصوا لأسراتهم ، أو لمعلميهم ، أو لآبائهم الروحيين و الجسديين ، أو لأوطانهم ، أو لمبادئ معينه عاشوا لها 00 إخلاصاً حتى الموت 0
و هناك أنواع أخرى من الإخلاص ، كإخلاص الطبيب لمريضة ، و المحامى لموكله ، و الأستاذ لتلاميذه ، و الكاتب لقرائه ، و الحارس لمن يحرسه 0
هناك من يخلص بدافع الواجب و الضمير ، و من يخلص بدافع الحب و الوفاء ، و من يخلص لأن الإخلاص طبيعة فيه ، يعامل بها كل أحد ، و بالأكثر من يحبهم 0
ما أجمل الإخلاص ، إنه نبل ، و حب ، و تاج ذهبى 00
أكثر صلاة تتكرر فى طقوسنا ، هى الصلاة من أجل سلام الكنيسة ، و هى التى نقول فيه :
" أذكر يا رب سلام كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسوليه 0 هذه الكائنة من أقاصى المسكونة إلى أقاصيها 0 إحفظها بسلام " 0
نصليها فى مقدمة الأواشى الصغار ، و فى مقدمة الأواشى الكبار وو فى رفع بخور عشية ، و فى رفع بخور باكر ، و فى كل دورة يدورها الكاهن بالخور حول المذبح مصلياً الأواشى
و فى أول القداس 0 عند تقديم الحمل ، نصلى قائلين : سلاماً و بنياناً لكنيستك المقدسة 0 و نقول هذه الطلبة عينها فى سيامة الآباء الكهنة أيضاً و نذكر سلام الكنيسة أيضاً فى أوشية الملك أو الرئيس 0 فنقول فيها أيضاً : تكلم فى قلبه من جهة سلام كنيستك الواحدة الوحيدة المقدسة الجامعة الرسوليه 0
و كان سلام الكنيسة أيضاً أهم ما كان يشغل آبائنا الرسل ، كل آبائنا القديسين 0
الكنيسة كانت تمثل فى نظرهم جميعاً ، ملكوت الله على الأرض الذى سيتمد فى الملكوت السماوى 0
إنها تمثل موطن الإيمان 0 و مسكن الله مع الناس 0 سلامها و سلامتها هما موضع صلاة كل إنسان ، أكثر مما يصلى من أجل طلباته الخاصة 0 إنها مركز تأملاته فى الصلاة الربانية التى يقول فيها " لتقدس إسمك 0 ليأت ملكوتك 0 لتكن مشيئتك " 00
الصلاة من أجل سلام الكنيسة ، هى الصلاة التى عاشت على مدى الأجيال فى أفواه المؤمنين ، رعاة ورعية ، إكليروساً و شعباً ، حتى فى طقس سيامة الرهبان الذين انقطعوا عن العالم ، نصلى لأجل سلام الكنيسة 0 و جميل أن الأنبا بولا أعظم المتوحدين و السواح ، سأل الأنبا أنطونيوس عن سلام الكنيسة 0
أنها صلاة نصليها من عمق قلوبنا 0 لا كمجرد طقس ، إنما كمشاعر حية متقدة 0
ليت كل أحد يفرغ فيها كل عواطفه ، آمين 0
العثرة هى السقطة 0 و الذى يعثر غيره ، هو الذى يتسبب فى سقوط غيره ، بالعمل أو بالفكر 0
و قد قال السيد المسيح " ويل لمن تأتى من قبله العثرات ، خير له أن يعلق فى عنقه حجر الرحى و يطرح فى البحر من أن يعثر أحد هؤلاء الصغار " ( لو 17 : 1،2)
و الصغار ، و إما أن يكونوا صغاراً فى الإيمان أو فى الدرجة الروحية ، بحيث يمكن للعمل المعثر أن يتعبهم 0
كثيراً ما يتكلم كبار أفراد الأسرة أمام الأطفال 0 بكلام ما كان يليق أن يسمعوه ، على اعتبار أنهم لا يفهمونه 0 و غالباً ما يعثرهم ، أو يرسب فى أذهانهم 0 كذلك تشاجر الوالدين أو اختلافهم أمام أبنائهم الصغار يسبب لهم عثرة ، لأنهم يتوقعون المثالية من الكبار 0 و أيضاً طلاق الوالدين عثرة لأبنائهما 0
و ما أكثر ما تكون مسائل الترفية التى تقتنيها الأسرة عثرة للأولاد ، سواء بعض برامج التلفزيون ز الراديو و بعض المجلات و الكتب 0 وحفلات معينة تقيمها الأسرة تكون عثرة
لأبنائها و القدوة السيئة تعثر الصغار ، سواء فى الكلام أو التصرف ، أو الملابس ، أو نوع المعاملات 00 و كثيراً ما يتعلم الأطفال من أفراد أسرتهم الكذب ، و التهكم على الآخرين ، و المبالغة ، 0 بل قد يقلدونهم فى حركاتهم و ملامحهم و أصواتهم ، و الأطفال مغرمون بالتقليد 0 و قد تأتى العثرة من الفكر و التعليم الذى يتلقونه من الكبار ، سواء فى البيت أو المدرسة أو الجيران ، إذا كان هذا التعليم يغرس فيهم أفكاراً منحرفة0 أو يسبب لهم مشاعر خاطئة أو كراهية نحو البعض 0 و إن تعارضت المبادئ التى يتلقاها الصغير ، مع مبادئ أخرى يتلقاها من كبير آخر ن يصاب الطفل بالحيرة و التمزق ، و الشك ، و يعثره هذا التعارض فى التعليم 0
إن الصغار أمانة فى أعناقنا " إن لم نستطع أن نغرس فيهم الخير فعلى الأقل لا نعثرهم
يقول القديس بولس الرسول فى رسالته إلى رومية :
" إن كنا نتألم معه ، فلكى نتمجد أيضاً معه " ( 8 : 17 )
وهكذا يكون الألم من أجل الرب ، هو مقياس ما يناله المؤمن من مجد فى الملكوت الأبدي
و لهذا فإن الكنيسة تضع الشهداء فى قمة القديسين 0
تذكرهم فى صلواتها ، قبل أسماء الآباء السواح و المتوحدين ، الذين ملأوا البرارى صلوات و تأملات ، و تذكرهم قبل الآباء البطاركة و الأساقفة بكل خدماتهم و نشرهم للكلمة 0 كل ذلك بسبب آلامهم التى تحملوها لأجل الرب 0 و حتى فى الخدمة ، يبدو مقياس الألم واضحاً أيضاً 0 فيقول الرسول " كل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه " ( 1كو3 : 8 ) 0 0 و هكذا نجد الرب يقول فى رسالته إلى ملاك كنيسة أفسس أنا عارف أعمالك و تعبك و صبرك 00 و قد احتملت ، و لك صبر ، و تعبت من أجل إسمى ، و لم تكل " ( رؤ 2 : 2 ، 3 ) واضعاً التعب فى المقدمة 0 و قول الكتاب أن الله " لا ينسى تعب المحبة " ( عب 6 : 10 ) فالمحبة تعبر عن وجودها ، بتعبها من أجل الذى تحبه 0 لأن المحبة " ليست بالكلام و لا باللسان " ( 1يو 3 : 18 ) و عمق المحبة يظهر فى الألم ، حينما تصعد المحبة إلى مستوى البذل و التضحية و الفداء 0
و هكذا ظهرت محبة الله لنا فى عمقها على الصليب ، حينما بذل ذاته عنا البار لأجل الأثمة
و كان المسيح فى قمة مجده ، فى عمق ألمة 0
و لذلك قال عن صلبه " الآن تمجد إبن الإنسان " ( يو 13 : 31 ) 0 و صورة صلبه هى صورة مجده 00 إن بولس الرسول يعتبر أن الألم هبة من الله 0
و يقول فى ذلك " أنه قد وهب لكم لأجل المسيح ، و لا أن تؤمنوا به فقط ، بل أيضاً أن تتألموا لأجله " ( فى 1 : 29 ) 0 و يقول بطرس الرسول عن منهج الألم : " لأنكم لهذا دعيتم ، فإن المسيح أيضاً تألم أجلنا ، تاركاً لنا مثالاً لكى تتبعوا خطواته " ( 1بط 2 : 21 )
فى يوم الخميس الماضى ، احتفلت الكنيسة بعيد الصعود المجيد ، إذ صعد المسيح إلى السماء ، و جلس عن يمين الآب 0 صعد فى مجد متحدياً كل قوانين الجاذبية الأرضية 0 و أعطانا أيضاً أن نصعد مثله ، و نتحدى جاذبية الأرض ، و ننضم إلى جاذبيته هو
بقوله " و أنا إن أرتفعت ، أجذب إلى الجميع " 00 أخذته سحابة ، و اختفى عن أينهم 0 و سيأتى ثانية على سحاب السماء ، مع ملائكته وقديسيه ، لكى يرفعنا معه على السحاب ، و نكون مع الرب فى كل حين 0
و كما جلس عن يمين الآب ، سيجلسنا معه فى مجده 0
هذا الذى صلبوه فى الجلجثة ، و أحصى وسط أثمة ، مع كثيرين التعيير و الإهانات ، قام من الأموات فى مجد ، و صعد إلى السموات فى مجد و جلس عن يمين الآب فى مجد
و لم تكن الجلجثة نهاية محزنة لحياته ، إنما كانت بداية لكل أمجاده 00
و هكذا كل من يتألم معه ، لا بد سيتمجد معه 00 كانت آخر صورة رآها له الإثنا عشر ، هى هذا الصعود ، الذى رفع كل أنظارهم إلى فوق ، حيث المسيح جالس ، والتى قال عنها الرسول " رفع فى المجد " ( 1تى 3 : 16 )
و لم يعد ألم المسيحية منفصلاً عن أمجادها 0
هذا المسيح الذى تألم من أجلنا 0 ظهر للقديس اسطفانوس فى آلام استشهاده ، فرأى السماء مفتوحة ، و أبصر مجد الله ، ورأى قائماً عن يمين الله ( أع 7 : 55 ، 56 ) فصرخ أيها الرب يسوع إقبل روحى إن الذى نزل ، هو الذى صعد أيضاً 00و نحن لا يمكن أن نصعد ، إن لم ننزل أولاً
ندخل مثله فى إخلاء الذات ، و فى تحمل الآلام ، و فى الصعود إلى الصليب ، قبل الصعود إلى يمن الآب 00
و إذ صعد المسيح إلى فوق ، فإننا باستمرار نرفع أبصارنا إلى فوق ، حيث جلس المسيح عن يمين أبيه ، و حيث يرجع إلينا مرة أخرى على السحاب ليأخذنا إليه 0
فنصعد حينئذ صعوداً لا تزول بعده مرة أخرى 00 آمين 0
لا يستهن أحد بصوم آبائنا الرسل ، فهو أقدم صوم عرفته الكنيسة المسيحية فى كل أجيالها و أشار إليه السيد بقوله " ولكن حينما يرفع عنهم العريس فحينئذ يصومون " 00
و صام الآباء الرسل ، كبداية لخدمتهم 0 فالرب نفسه بدأ خدمته بالصوم ، أربعين يوماً على الجبل 0
صوم الرسل إذن ، هو صوم خاص بالخدمة و الكنيسة 0
قيل عن معلمنا بطرس الرسول إنه صام إلى أن " جاع كثيراً و اشتهى أن يأكل " ( أع 10 : 10 ) 0 و فى جوعه رأى السماء مفتوحة ، ورأى رؤيا عن قبول الأمم 0
و كما كان صومهم مصحوباً بالرؤى و التوجيه الإلهى ، كان مصحوباً ايضاً بعمل الروح القدس و حلوله 0 و يقول الكتاب : " و بينما هم يخدمون الرب و يصومون ، قال الروح القدس إفرزوا لى برنابا و شاول للعمل الذى دعوتها إليه 0 فصاموا حينئذ و صلوا ، ووضعوا عليهما الأيادى ، ثم أطلقوهما 0 فهذان إذ أرسلا من الروح القدس ، انحدرا إلى سلوكية " ( أع 13 : 2 - 4 ) 0
أمور هامة ، تميز بها صوم آبائنا الرسل ، منها : الصوم ، و الصلاة ، و الخدمة ، و عمل الروح القدس 0
و يسرنا أن يعمل الروح القدس خلال الصوم و أن تأتى الدعوة الإلهية خلال الصوم و أن تتم سيامة الخدام أثناء الصوم أيضاً 00 و أن يبدأ الخدام بالصوم ، قبل البدء بالخدمة 00
هناك أصوام خاصة بالتوبة ، مثل صوم أهل نينوى ، و مثل اصوام التذلل التى تكلم عنها سفر يوئيل 0 و أصوام لإخراج الشياطين ، كما قال الرب إن هذا الجنس لا يخرج بشئ إلا بالصلاة و الصوم 0 و أصوام نصومها قبل كل نعمة نتلقاها من الرب ، كالأصوام التى تسبق
الأسرار المقدسة كالمعمودية و الميرون و التناول و الكهنوت 0
أما صوم الرسل فهو من أجل الخدمة و الكنيسة ، على الأقل لكى نتعلم لزوم الصوم للخدمة ، و نفعه لها 0
نصوم لكى يتدخل الله فى الخدمة و يعينها 0 و نصوم لكى نخدم و نحن فى حالة روحية 0 و نصوم شاعرين بضعفنا 00
كم اشتهينا مجئ هذا الصوم ، خلال الخمسين المقدسة 0
كثيرون يبحثون عن المنفعة من الكلمة 00 فإن لم يقرأوها أو يسمعوها ، يشعرون أنهم لم بنتفعوا !!
*و الحكيم يرى فى كل شئ كلمة منفعة 0
*حتى صمت الآخرين ، يرى فيه منفعة ، و حكمة 00 و ربما بنتفع من صمتهم ، أكثر من انتفاعه بالكلام 0
*كل حادث يمر عليك فى الحياة ، فى حياتك أو فى حياة الآخرين ، يحمل إليك كلمة منفعة 0
لذلك فإن كثيرين بنتفعون من الأحداث ، أكثر مما بنتفعون بالكتب و المقالات و الكلام 00
*خبرة الحياة أيضاً مملوءة من كلمات منفعة لا تحصى ، وذلك لمن بستطيع أن يستفيد من الخبرة 0 لذلك دعينا إلى الإستفادة من حكمة الشيوخ ، لأن خبرات عديدة مرت عليهم ، كل منها تحمل كلمة منفعة 0
*المرض كثيراً ما يكون فى حد ذاته كلمة منفعة 00 ينطق فى أذن المريض بأقوال لا يجدها فى الكتب 0 كما يكون المرض أيضاً كلمة منفعة بالنسبة إلى المحيطين بالمريض من
أهله و أصحابه وزواره 00
*والموت أيضاً كلمة منفعة استفادة منها مشاهير القديسين ، كالأنبا أنطونيوس مثلاً
و الأنبا بولا 00 و كثيرون كانوا يزورون المقابر ، لكى يستمعوا إلى كلمة المنفعة التى ينطق بها الموت فى قلوب الناس 00 و هو صامت
*و الضيقات أيضاً هى كلمة منفعة لمن يحسن الإستفادة منها ، سواء لمن تحل الضيقة به ، أو من يراها فى غيره 0 فلا تأخذ من الضيقة تعبها 0 بل دروسها 0
*و الطبيعة أيضاَ فيها كلمات منفعة ، و إن بدت صامتة 0 لذلك دعانا الكتاب أن نتعلم دروساً من زنابق الحقل ، و من طيور السماء ، حتى من النملة يتعلم الكسلان 0
*كلمة المنفعة موجودة ، لم يحرم منها أحداً ، إنما الناس فى مجموعهم يحتاجون إلى موهبة التأمل و التعمق ، لكى يستخرجوا كلمة المنفعة من كل ما يصادفهم 00 سواء كانت كلمات منفعة ناطقة أو صامتة ، مكتوبة أو مستنتجة 0 و من له أذنان للسمع فليسمع
المحبة الحقيقية للذات ، تأتى بتدريب هذه الذات على محبة الله ، و دوام سكناه فيها ، وخضوعها لعمل روحه 00
و لا يمكن للذات أن تتمتع بسكنى الله فيها ، إلا عن طريق النقاوة ، و الإتضاع الذى به لا يقاوم عمل الروح فيها ، و لا تفضل جهالتها على حكمة الله 0
و هكذا تظهر المحبة الحقيقية للذات ، فى إنكار الذات 0
إنكار الذات فى العمل ، حيث تقول " لا أنا ، بل نعمة الله العاملة فى " 0 و إنكار الذات فى ترك محبة المديح و الكرامة " ليس لنا يارب ليس لنا ، لكن لإسمك القدوس أعط مجداً " 0 و أنكار الذات فى الجهاد ، حيث يضحى المؤمن براحته و كل ماله ، من أجل بناء ملكوت الله
إنكار الذات فى التعامل مع الله ، و مع الناس 0
و فى ذلك يفضل الإنسان غيره على نفسه فى كل شئ ، " مقدمين بعضكم بعضاً فى الكرامة " و من هنا تأتى كل نواحى المحبة العملية نحو الآخرين ، ليس فى الكرامة فقط ، إنما أيضاً فى العطاء ، و البذل ، والتعب لأجل الآخرين ، و التضحية من أجلهم إلى بذل الذات عنهم ، و لا مانع من أن يحمل خطاياهم و ينسبها إلى نفسه ، يحرم نفسه من كل شئ ، لكى ينالوا هم 00
غير أن البعض قد يحب ذاته محبة خاطئة دنيوية ، يحاول أن بينيها فيهدمها ، و أن يرفعها فيضيعها 0
و فى ذلك قال السيد المسيح " من وجد نفسه يضيعها 0 و من أضاع نفسه من أجلى يجدها " الذين تركوا ملاذ العالم من أجل الرب ، يحسبهم أهل العالم أنهم ضيعوا أنفسهم ، بينما هم قد وجدوا الطريق الحقيقى لبناء الذات 0 و يدخل ضمن هؤلاء أيضاً الرهبان و السواح ، وكل من تكرسوا لخدمة الرب ، و كل من قالوا له مع بطرس " تركنا كل شئ و تبعناك "
الذى يحب ذاته ، هو الذى يسير بها فى الطريق الضيق من أجل الرب ، و يحملها الصليب كل يوم 00
هذا الإنسان هو الذى يحب ذاته حقاً 00
أما الذى يعطيها كل شهواتها الأرضية و الجسدية ، فإنه لا يحب ذاته ، و إنما يحب العالم و شهوته 00