إنك لا تستطيع أن تصل مرة واحدة إلى ما وصله القديسون فى سنوات عديدة ، لذلك أتبع التدرج الأتى :
ضع لنفسك صلاة قصيرة تناسبك ، ويمكنك أن ترددها كثيرا ، من أعماقك ، معبرا بها عن مشاعرك الخاصة 0
أستخدام هذه الصلاة فى أوقات فراغك ، لتشغل بها نفسك ، فلا تشرد أفكارك فى التافهات ، أو فيما لا يليق من خطايا 0 وهكذا تكسب فائدة مزدوجة : الصلاة ، وأيضا مقاومة الأفكار ، وتشغل وقتك فيما ينفعك روحيا 0
أشغل عقلك بالصلاة ، أثناء وجودك وسط أناس ، يتكلمون كلاما لا علاقة له بخلاص نفسك ، ولا تستفيد منه ، وفى نفس الوقت يحرجك أن تنسحب من الوجود معهم 0 فلا أقل من أن تكون موجودا بجسدك ، أما قلبك فهو منشغل مع الله فى الصلاة ، دون أن يشعر أحد 0
يمكنك أيضا أن تنشغل بهذه الصلوات أثناء ركوبك طرق المواصلات ، أو أثناء أنتظارك لها ، أو وأنت فى انتظار لأى أحد ، وهذا فى نفس الوقت ينقذك من القلق ومن الملل 0
يمكن أن تتلو هذه الصلاة القصيرة المتكررة ، أثناء جلوسك على المائدة لتناول الطعام ، حتى تعطى غذاء لروحك أثناء تناول جسدك لغذائه 0 وفى نفس الوقت تحفظ آداب المائدة 0
وإن كلمك أحد أثناء تلاوة الصلوات ، فلا تتجاهله وتصمت وتسبب لنفسك أشكالا ، إنما رد عليه فى أختصار وفى هدوء ، وأرجع إلى صلواتك مرة أخرى 000
يمكن أيضا أن تتلو هذه الصلوات وأنت على فراشك قبل أن تنام ، فبالإضافة إلى عمل الصلاة ، ينشغل عقلك الباطن بشئ روحى ، ويتقدس فراشك ، وتكون أحلامك نقية 0
كذلك حينما تستيقظ ، أبدا فى تلاوة هذه الصلوات ، حتى قبل أن تقوم وقبل أن تغسل وجهك فيكون أول فكر لك هو روحى ، وأول من تخاطبه هو الله 0
كلما تجد فرصة سانحة للصلاة ، أنتهزها 0 وهكذا تنتصر على مشكلة ( الوقت الضائع ) وتتعود الصلاة 0
كل هذه الصلوات ، لا تمنع صلواتك بالأجبية ، ولا صلواتك الخاصة ، وأنت واقف فى خشوع أمام الله 000
+ + +
+ علاقتك بالكتاب المقدس ، تتركز فى : إقتناء الكتاب – أصطحاب الكتاب – قراءة الكتاب – التأمل فيه – دراسته – حفظه 0000 وفوق الكل العمل به ، والتدريب على وصاياه 000
+ ليس أقتناء الكتاب معناه أن يكون تحفة فى مكتبك ، إنما أن يكون لأستعمالك المستمر 0 تستصحبه معك فى كل مكان ، فى جيبك ، أو فى حقيبة يدك ، ويكون سهلا عليك قراءته فى كل وقت 0
+ وقراءة الكتاب يحسن أن تكون بطريقة منتظمة ، ويجب أن تكون كل يوم 0 ومن الأفضل أن تقرأ فقرات منه كل صباح ، لتكون مجالا لتفكيرك وتأملاتك خلال اليوم ، وتملا ذهنك فى مشيك ودخولك وخروجك 0
+ وقراءتك للكتاب ، لتكن بفهم وعمق وتأمل 0 وليتها تكون مصحوبة بالصلاة ، فتقول مع داود
( أكشف يارب عن عينى ، لأرى عجائب من شريعتك )
+ ولتكن القراءة بروح الخشوع ، حتى تستفيد منها 0 وتذكر كيف نقف فى الكنيسة بهيبة لنستمع إلى الكتاب 0 وحاذر من أن تقرأ بتراخ أو تهاون وطياشة فكر 0
+ وليس المهم فى كثرة ما تقرأه ، وإنما فى العمق الذى تقرأ به ، حيث تدخل كلمات الرب إلى أعماق قلبك ، وتجعلها تمس مشاعرك 00
+ وحاول أن تحفظ بعض آيات تمثل مبادئ معينة ، أو تأثيرات خاصة ، أو وعود من الله ، أو ردودا على مسائل تشغلك 0
+ هذه الآيات ترددها كثيرا فى قلبك ، بلون من الهذيذ الذى بلصق هذه الآيات بروحك وأعماقك 0
+ ثم تتناول هذه الآيات من جهة التطبيق العملى ، وتجعلها موضعا لتدرايبك الروحية 0 وهكذا تحول الكتاب إلى حياة ، فيصبح جزءا منك 0
+ لا تهتم فى قراءتك بالحرف ، بل بالروح 0 وإذا احتجت إلى معونة ، لا مانع من أن تسأل 000
+ المهم فى كل قراءة ، أخرج بفائدة روحية 0
+ + +
من التداريب النافعة فى الصوم ، تدريب الحفظ : ونقصد به حفظ المزامير ، وحفظ الصلوات ، وحفظ الألحان والترانيم ، وحفظ الآيات أو قطع من الكتاب المقدس 0000
بالحفظ تشغل وقتك فى شئ روحى مفيد 0
وبالحفظ تغرس فى عقلك الباطن وفى ذاكراتك ، أمورا روحية تنفعك فيما بعد حينما تستعيدها الذاكرة
وبالحفظ تشعر بجو روحى ، مثل جو الصلاة تماما ، وتكون لك فرصة للتأمل فى ما تحفظه 0
بحفظك لآيات الكتاب ، تستطيع أن ترد على كل فكر يأتى إليك ، وتأخذ إستنارة قلب فى الأمور الإلهية بل وفى الدراسات الدينية أيضا ، ويصبح الكتاب فى داخلك 0
ويحفظك للمزامير والصلوات ، تستطيع أن تصلى فى كل وقت
وفى أى وضع ، وفى أى مكان ، وفى وسط الناس ، دون احتياج إلى كتاب تفتحه ، ودون أن تكشف صلواتك 0
بالحفظ ، يمكنك أن تصل وأنت سائر فى الطريق ، وفى طريق المواصلات ، ويمكنك أن تصلى وأنت فى وسط جماعة من الناس يتحدثون فى أمور لا تعنيك 0 فتجلس صامتا ، وتردد صلواتك المحفوظة يحسبونك منصتا ، بينما أنت تصلى بقلبك ، دون أن يشعر بك أحد !
بالحفظ تستطيع أن تصلى فى الظلام ، وأن تسلى نفسك بالتأملات فى رحلة أو فى مسير طويل 0
وكبرنامج مقترح للحفظ ، يمكن أن يبدأ الشخص بالقطع المشتركة فى الأجبية ، كصلاة الشكر ، والمزمور الخمسين ، والثلاثة تقديسات 000 ثم بعض المزامير ، ثم قطع وتحاليل وأناجيل كل صلاة من الصلوات السبع ، وحسبما يوافق قلبه 000
أو حفظ بعض فصول مشهورة فى الكتاب ، مثل ( 1كو 13 ) عن المحبة أو ( رو 12 ) أو
( اتس 5 : 12 – 28 ) أو ( فى 3 : 7 – 14 ) 0
وبالنسبة إلى الصغار ، يمكن تحفيظهم كثيرا من الآيات ، حسب الحروف الأبجدية ، وبعض الترانيم
والألحان ، وصلوات الأجبية ، على أن يختار لهم ما فى مستواهم 0
ويمكن عمل مسابقات فى الحفظ فى مدارس التربية الكنسية ، وكذلك تبادل الحفظ والتسميع بين الأصدقاء 0
+ + +
إن عملت النعمة فى قلبك ، وشعرت باشتياق إلى التوبة ، فلا تؤجل ولو إلى دقائق معدودة 000
ما أدراك ، ربما يزول الدافع ، ويزول التأثير الخارجى ، وتزول الرغبة فى التوبة ، وتحاول أن تبحث عن التوبة ، فلا تجدها 000
كما أن تأجيلك للتوبة ، يعطى الشيطان فرصة ، لكى يستعد لك ، وبعرقل طريقك 0 مادام قد عرف أن التوبة فى نيتك 000 ما أسهل أن تشتد حروبه ، ويجعل طريق التوبة صعبا امامك 000
إن الكتاب يعتبر رفضك لصوت الله فى داخلك ، لونا من قساوة القلب 0 لذلك يقول الوحى الإلهى
( إن سمعتم صوته ، فلا تقسوا قلوبكم ) ( عب 3 ) 0
كذلك هذا التأجيل ، أو عدم الإستجابة لصوت الله وعمله فيك ، يعتبر إستهتارا بعمل النعمة 0
وقد يسمح الله أن ترتفع نعمته عنك ، أو أن يلقيك إلى أيدى أعدائك ، وتذللك الخطية ، وحتى تشعر بقيمة النعمة التى رفضتها ، ولا تعود ترفض فيما بعد ، حينما تعمل النعمة فيك للتوبة 000
الإبن الضال ، حينما أفتقدته النعمة ورجع إلى نفسه ، قال ( أقوم الآن ، وأذهب إلى أبى ) وللحال قام وذهب ، وانتهز الحرارة الروحية قبل أن تبرد فى القلب ، وقبل أن يختطفها العدو 000
يقول الكتاب ( مفتدين الوقت ، لأن الأيام وشريرة ) إستفد إذن من وقت تشعر فيه باشتياق إلى الله
وفى الحال ، حول الإشتياق إلى واقع عملى ، لكى تظهر أنك تريد الله ، كما يريدك هو 000
كثيرون من الذين أجلوا التوبة ، لم يتوبوا على الإطلاق 0 أو لما حاولوا التوبة فيما بعد ، وجدوا الطريق صعبا جدا أمامهم 0 والأسوأ من ذلك كله ، أن كثيرين منهم ما عادوا يريدون 0000 !
وفى كل مرة نؤجل التوبة 0 قل لنفسك ما معنى هذا ؟ هل معناه إنك ترفض مصالحة الله ؟! أو أنك تفضل الاستمرار فى مقاومته ؟! أو أنك لا تبالى بمخاصمة الله ، ولا تبالى بجرح محبته ؟
+ + +
إستعداد للعام الجديد
لابد أولا أن تقتنع بأنك مخطئ ، لكى تعترف بذلك أمام الله وأمام الأب الكاهن 0 أما الذى يبرر ذاته ، أو يرى أنه على حق فى تصرفاته ، فطبيعى أنه سوف لا يعترف 0
فى الإعتراف تعترف بخطاياك أنت ، وليس بخطايا غيرك 0 ولا تلقى التبعة على غيرك كما فعل آدم وحواء 0
إجلس أولا وحاسب نفسك حتى لا تنسى 0
كن مركزا فى كلامك ، حتى لا تضيع وقت أب الإعتراف ووقت باقى المعترفين المنتظرين 0
الإعتراف ليس هو سرد حكايات 0 إنما فى ما تحكيه أذكر أين أخطأت 0 لأن الإعتراف هو أن تدين ذاتك أمام الله فى سمع الكاهن 0
أذكر خطايا العمل ، وخطايا الفكر والقلب واللسان والحواس والنية بنوعيات وليس بحكايات
أذكر أيضا أخطاءك بالنسبة إلى العبادة وكل وسائط النعمة ، كالصلاة والقراءة والصوم والإجتماعات الروحية 000 إلخ 0
أذكر أخطاءك بالنسبة إلى الفضائل الرئيسية كالإيمان ، والتواضع ، والمحبة ، والوداعة وباقى ثمار الروح ( غل 5 : 12 ) 0
لا مانع من ذكر مقارنة بما قبل 0 وهل أنت فى نمو روحى ، أم تأخر ، أم توقف ، أم فتور0
تقدم إلى الإعتراف بروح التوبة والخشوع ، مصمما من كل قلبك على عدم الرجوع ، مبتعدا عن أسباب الخطية 0
11- ليكن بوم الإعتراف يوما مثاليا له طابع خاص 0 سواء فى الإستعداد له ، أو فى ما بعد الإعتراف ، بحيث لا تتصرف تصرفا يفقدك حرارتك الروحية 000
12- فى عزيمتك على التوبة ، إحترس من الإعتماد على ذاتك ، وإنما صل باستمرار أن يمنحك الرب قوة 0
13- قد يحاربك الشيطان بعد الإعتراف ليسقطك ويوقعك فى اليأس ، وتشوه البداية الجديدة التى بدأت بها 0 فاحترس جدا ، وتنبه لكل محاربة 0 وإن سقطت لا تقل لا فائدة ، وإنما قم بقوة أوفر ، وعزيمة أصدق 0
14- إعط أهمية كبيرة لمقاومة الخطايا المتكررة 0
+ + +
فى ليلة رأس السنة ، لست أريد يارب أن أعدك بوعود كثيرة ، أنا عارف بخبرتى السابقة ، أننى سوف لا أنفذ منها شيئا ، أو أبدأ ولا أكمل !
لست أريد أن أعتمد على ذاتى ، فأنا أعرف ضعفها 0 أعرف أننى أملك الكثير من النيات الطيبة ، ولكن ( أن أفعل الحسنى لست أجد ) ( لأن الإرادة ليست فى نفس مستوى النية والرغبة ) 000
وأول شئ أريده يارب ، هو أن أكلمك بصراحة 0
أريد أن أقدم لك قلبى كما هو ، ليس كما ينبغى أن يكون 0 وأريد أن أشرح لك ضعفاتى كما هى ، لكيما تتولاها بنعمتك وروحك القدوس ، لعلاجها 000
إننى أخطئ إن تعهدت بأننى سأتوب ، وإنما أنا أصرخ إليك قائلا ( توبنى فأتوب ) ( أر 31 : 18 )
وأخطئ إن وعدت بأننى سأعمل العديد من الصالحات ، إنما أنا أريد منك أن تقوينى لكى أعمل 0 أو أريد أن تعمل فى ما تريدنى أن أعمله 0000 فأنت العامل فينا أن نريد وأن نعمل ( فى 2 : 13 )
أريد منك فى بدء هذا العام ، أن تستلم العام كله ، وتتولى قيادة كل يوم من أيامه 000 وأريد أن تستلم هذه الحياة بنفسك 0 وتشكلها بالطريقة التى توافق تدبيرك الصالح ومشيئتك المقدسة 00
أريد أن تكشف لى إرادتك فى حياتى0
( علمنى يارب طريقك 0 فهمنى سبلك ) إكشف عن عينى لكى أرى عجائب من شريعتك 000
عرفنى ما تريد ، وامنحنى القوة على فعله 0
وإن أخطأت وسقطت ، سامح ضعفى ، وامسك بيدى لأقوم 0
لست أسأل فقط من أجل نفسى ، إنما أريد أيضا الكثير من أجل أولئك الذين أحبهم ، والذين تحبهم أنت بالأكثر ، لأنك اخترتهم هياكل لروحك 0
( أيها الآب القدوس ، إحفظهم فى إسمك 0 قدسهم فى حقك ) ( يو 17 : 11 ، 17 ) إملاهم من روحك القدوس 0
أريد أن تكتب أسماءهم فى سفر الحياة عندك 0
+ + +
+ مهما كانت حالتك الروحية ضعيفة ، فلا تيأس ، لأن اليأس حرب من حروب الشيطان ، يريد بها أن يضعف معنوياتك 0 ويبطل جهادك ، فتقع فى يديه 0
وإن كنت تيأس من نفسك ، فلا تيأس أبدا من نعمة الله 0 إن كان عملك لا يوصلك إلى التوبة ، فإن عمل الله من أجللك ، يمكن أن يوصلك 0
+ وفى حياتك الروحية ، أحيانا يكون سبب اليأس ، هو وضعك أمام مثاليات فوق مستواك ، أو خطوات واسعة لا تتفق مع التدرج اللازم 0
وإذ لا يمكنك إدراك ما تريده ، فإنك تيأس 0
لذلك يحسن أن تضع أمامك نظاما تدريجيا فى حدود قوتك وإمكانياتك ، وفى حدود ما منحك الله من نعمة 0 وأعلم أن الله لا يريد منك سوى خطوة فقط 0 فإن خطوتها يقتادك إلى غيرها ، وهكذا 000
وقد تيأس بسبب أنك لا تستطيع أن تقف أمام الله ، إلا إذا ما أصلحت حالك أولا 0
الأفضل أن تقول له : لست أستطيع أن أصلح نفسى أولا ثم آتيك 0 وإنما آتيك لكى تصلحنى 0
+ لا تيأس إن كنت تشعر أنك لا تحب الله ولا تقل : ما الفائدة من كل أعمالى إن كنت لا أحبه !
قل : إن كنت لا أحب الله ، فإنه يعزينى لأنه يحبنى 0 وبمحبته يمكنه أن يجعلنى أن أحبه 0
+ إن كنت تستخدم الوسائط الروحية ، ولا تشعر بصلة حقيقية مع الله ، فلا تيأس 0
أثبت فى القراءة الروحية ، حتى إن كانت بلا فهم 0 واثبت فى الصلاة ، وإن كانت بلا حرارة ، وفى الإعتراف وإن كان بلا إنسحاق ربما من أجل ثباتك تفتقدك النعمة ، وتعطيك الفهم والحرارة والإنسحاق 0
+ مجرد ثباتك فى الوسائط الروحية ، يجعل الله فى فكرك ، ولو بلا توبة !ّ أما إن يئست وأبطلت هذه الوصايا ، فقد تنحدر إلى أسفل ، وتنسى الله كلية 0
+ حتى لو كنت فى حالة ضعيفة ، لا تيأس 0 خير لك أن تبقى حيث أنت ، من أن يدفعك اليأس إلى أسوأ 0
+ + +
+ الذى يشكو ، ربما يقدم أحيانا نصف الحقيقة ، حيث يبدو معتدى عليه 0 وغالبا لا يقدم النصف الآخر وهو سبب هذا الإعتداء 0 وهكذا لا يعطى صورة كاملة عن الحقيقة 0 وبالتحقيق يمكن إكتشاف المعلومات الأخرى التى تشرح الموقف 0
+ أما الإنسان الصريح ، فيذكر كل شئ ، ماله وما عليه ، بهذا يوضح الحقيقة كاملة ، بلا إخفاء 0
+ كذلك الذى يمدح ذاته ، كثيرا ما يذكر هو أيضا نصف الحقيقة ، أى النقط البيضاء فقط فى حياته وهناك نقط أخرى قد تكون عكس هذه ، إذا وضعت معها ، تعطى الصورة الكاملة عن شخصيته وصفاته وأعماله 0
وبنفس الأسلوب نتكلم عن الأم التى تمدح إبنها ، أو تدافع عنه ، أو المرؤوس الذى دائما يمدح رئيسه 0
+ وأى إنسان له الروح القبلية ، أو يتحزب لهيئة معينه ، أو يتعصب لفكرة أو لمنهج أو لفلسفة أو إتجاه ، كثيرا ما يلجأ هو أيضا إلى أنصاف الحقيقة ، فلا يذكر إلا النقط البيضاء التى تخص ما يحبه أو من يحبه 0 أما النصف الآخر من الحقيقة ، فقد يذكره الجانب المعارض 0
الإتهام يمثل نصف الحقيقة 0 والدفاع يمثل النصف الآخر 0 والحقيقة تتضح من إجتماع الإثنين معا
+ التأييد أيضا قد يمثل نصف الحقيقة ، بينما تقدم المعارضة النصف الآخر ، وتتكامل الصورة بإجتماع الإثنين 0
+ ما تراه فى نفسك هو نصف الحقيقة ، وما يراه الغير فيك هو النصف الآخر 000
+ الأمور الظاهرة هى جزء من الحقيقة 0 والأمور الخفية هى جزء آخر 0وقد يكون الجزء الأكبر +ما تعلنه عن مبادئك وأفكارك ورغباتك ، هو مجرد جزء 0 أما الجزء الآخر ، فهو ما تنقذه من هذه المبادئ 0
+ شخصيتك خارج بيتك وأمام الناس 0 هى نصف الحقيقة 0 وربما حياتك فى بيتك مع عائلتك شئ آخر 0 وقد تكون دواخل قلبك مع أفكارك وأحاسيسك شئ ثالث 0 وأنت هذا كله 0
+ إلى متى يعيش الناس بأنصاف الحقائق 0
ربما النصف الآخر يعلنه الرب فى يوم الدين 0
+ + +
ما أعجب أشخاص يعطيهم الله نعمة ، فيحولونها إلى نقمة 0
المال نعمة ، والجمال نعمة ، والفن نعمة ، والحرية نعمة ، كذلك العلم ، والسلطة ، والنظام 0 ولكن ما أسهل عمليا أن تتحول كل هذه إلى نقمات ، بوسائل شتى !
بسوء الإستخدام يمكن أن تتحول هذه النعم إلى نقمات 0
فالمال يشترى الذمم وبيعها ، والجمال يصبح أداة للغواية ، والفن يتحول إلى العبث والملاهى ، والحرية تصبح وسيلة للأستهتار واللامبالاة 0 والسلطة تصير وسيلة للتحكم 0 والعلم يستخدم فى الإختراعات المهلكة والأشياء الضارة 0 والنظام بسوء الإستخدام يتحول إلى روتين وأداة للتعطيل !!
ويمكن أن تتحول هذه النعم – بالمنافسة – إلى نقمات !
ففى سبيل التنافس فى ميادين المال أو العلم أو السلطة أو الفن ، ما أسهل أن يعادى الإنسان أخاه 0 وتنتشر الكراهية والشائعات 0 ويحدث تصارع ، يفقد فيه الإنسان إنسانيته ومحبته لغيره 0
بل ماذا أقول ؟ حتى الخدمة ، خدمة الرب !!
يمكن أن يدخل الشيطان أيضا فى جو الخدمة ، لكى يحوله إلى نقمة 0 فإذا فى الخدمة إختلافات فى الرأى ، تحول إلى صراعات ورغبات فى الإصلاح تتحول إلى تدمير وتخريب وتشهير 0 وإذا فى الخدمة أيضا تنافس على القيادة والرئاسة ، مثلما فى العالميات أيضا 000 !
وكما أن الأختراع الواحد يمكن أن يستخدم للخير والشر ، كذلك جميع الإمكانيات الأخرى 0
الأمر إذن يتوقف على الإنسان ذاته ، على القلب والعقل والإدارة ، بها يصير الأمر نعمة أو نقمة 0
فى عصور الإستشهاد ، كان الإضطهاد يبدو نقمة 0 ولكن القديسين حولوه إلى نعمة ، ونالوا بركاته وأكاليله 000 وصارت دماء الشهداء بذارا للإيمان ، وازدادت الكنيسة روحانية ، والتصقت بالرب أكثر وتعمقت فى القداسة إستعدادا للأبدية 0
كذلك التجارب والأمراض ، حولها القديسون إلى بركة 00
لا تقل إذن هذا الأمر نعمة ، أو هذا نقمة 000
إنما قل : يمكن تحويله إلى نعمة ، يمكن تحويله إلى نقمة 0
القلب الحكيم يحول النقمة إلى نعمة ، حتى الخطية يأخذ منها إنسحاقا واتضاعا وحرصا وإشفاقا على المخطئين 0
+ + +
+ هى سير دائم نحو الله 0 هى تقدم مستمر نحو اللا نهائية 0 هى سعى متصل نحو الكمال ، والكمال لا حدود له 0 لذلك فالحياة الروحية لا ينفع فيها الذى يقف ، ولا الذى يجلس أو ينام 0 إنما تحتاج إلى شخص يسعى على الدوام ، بكل قوته 0000
+ هى إنتقال من كمال إلى كمال أفضل 000 إنها مربوطة دوما بالنمو 0
ليست الحياة الروحية أن تعيش حياة فاضلة ، وإنما أن تنتقل من حياة فاضلة إلى حياة أفضل ، فأفضل 000 إلى غير حد 0000 إنها تتلخص فى عبارة واحدة قالها بولس الرسول وهى
( أمتد إلى قدام 0 أسعى نحو الغرض ) 0
+ مسكين الإنسان الذى يقضى حياته كلها فى مقاومة الخطية 000
المفروض أن ينتهى من الخطية ، ويدخل فى حياة البر 0 ثم ينمو فى حياة البر حتى يصل إلى الكمال 0 ويتدرج من الكمال النسبى ساعيا إلى الكمال المطلق ، الذى لن يصل إليه 000 لذلك فالبار يشعر باستمرار أنه خاطئ ومقصر ، لأن الهدف الذى أمامه ما يزال بعيدا 000
+ الشخص الروحى يجاهد بكل إمكانياته ، ولا يكتفى بها بل يوسع دائما دائرة إمكانياته ، محاولا أن يوجد لنفسه إمكانيات جديدة 0000
وفى كل ذلك يصارع نفسه ، ويتصارع مع النعمة العاملة فيه 0 يجاهد مع الله لكى يوصله كما أوصل القديسين 0
+ لا تتلكأوا فى طريق الحياة الروحية 0 لا تقفوا ، ولا تنشغلوا بمناظر الطريق 0 لا تسمحوا لأعدائكم ولا لأحبائكم أن يعطلوكم 0
قولوا لهم كما قال لعازر الدمشقى لأهل رفقة ( لا تعوقونى والرب قد يسر طريقى ) أذكروا قول السيد المسيح ( لا تسلموا على أحد فى الطريق ) لا تنشغلوا بقريب أو حبيب ، بل رددوا قول بطرس الرسول للرب ( تركنا كل شئ وتبعناك ) 000
+ المرأة السامرية لم تشأ أن تعطلها الجرة ، فتركتها عند البئر ، وأسرعت لتبشر بالمسيح 0
ونحن لنا جرار كثيرة : كلما تفرغ واحدة من الماء : نملؤها مرة أخرى 0 لا تركنا البئر ، ولا تركنا الجرار ، ولا تركنا الماء 0 ولا سرنا فى الطريق ولا بشرنا بالمسيح 0
+ صدقونى إن العمر كله لا يكفى لقطع طريقنا نحو الله 0 فكم تكون خسارتنا من جهة هذه السنوات التى ضيعناها من حياتنا ، وهى أقوى ساعات العمر ، وأكثرها طاقة ، أعظمها أجرا 000
+كثيرا ما تكون أنقى أوقاتنا هى الأوقات التى نتحدث فيها عن الطريق 0 وجماله 0 وروحانيته ، دون أن نسير فى هذا الطريق 000 !! مجرد علماء نحن ، نحضر دروسا ونلقيها على الناس 00!
ما هو شعورك حينما تزور مواضع القديسين 0
كمن يزور ديرا لقديس فى مناسبة عيده ؟
الرحلة للدير ليست هى زيارة للفرجة أو للنزهة ، إنما هى التماس للبركة ، وللفائدة الروحية 0
لذلك فإن الزيارات الفردية تكون أكثر عمقا ونفعا من زيارات الرحلات ، التى يزدحم فيها الكثيرون 000
فى زيارتك للدير ، ضع فى ذاكرتك ما يختص بهذا المكان المقدس من ذكريات وأفكار روحية 0
تذكر أنك فى مكان يليق به الصمت والخشوع ، وليس الكلام والضوضاء والصوت العالى ، الأمر الذى يحدث فى المدن 0 كان القديسون يصمتون ليتفرغوا للتأمل والصلاة فاصمت أنت أيضا ، وأدخل إلى أعماق نفسك ، لتدخلها إلى أعماق الله 0
لا تضيع وقت الرحلة فى سمر أو ضحك مع زملائك ، سواء أثناء الرحلة ، أو فى الطريق إليها أو أثناء العودة ، لئلا تضيع الفائدة الروحية 0000
لا تنشغل أثناء الرحلة بالتعليقات على كل ما تراه أو تسمعه 0 ولا تقف لتدين هذا أو ذاك ، لئلا تأخذ دينونة بدلا من أخذ بركة 00
أذكر أسماء القديسين الذين عاشوا فى ذلك الموضع ، والفضائل التى اتصف بها كل منهم ، وتأمل فى حياة هؤلاء ، وفى عمق صلهم بالله ، وما تستطيع أن تفعله فى اقتفاء آثارهم 0
خذ معك فى الرحلة كتاب صلوات ، ومفكرة لكتابة تأملاتك ، ولا تتصل إلا بكل من يفيدك روحيا
تذكر أن كل شبر من الأرض قد رواه القديسون بدموعهم ، وأنك تسير على أرض مقدسة 0
أطلب شفاعة قديسى الدير واستغل زيارة الدير ، لكى تسكب صلواتك أمام الله فى كل ما يشغل قلبك ، طالبا صلوات هؤلاء القديسين لتسندك 0
إستفد من الطبيعة الهادئة والجو الساكن ، لكى تجلس قليلا فى هدوء إلى نفسك ، وتفحصها فى عمق 0
إسال نفسك فى صراحة ، ماذا استفدته من الرحلة 00
فى الحياة الروحية ، من المهم جدا : عنصر الإستمرار 0
فمن السهل أن يبدأ إنسان علاقة مع الله 0 ولكن هل يستطيع أن يستمر أم لا ؟!
إن الغلاطيين بدأوا بالروح ولكنهم لم يستمروا ، فكلموا بالجسد ( عل 3 : 3 ) وديماس خدم مع بولس الرسول ، ولم يستمر ، وتركه لأنه أحب العالم الحاضر ( 2تى 4 : 10 ) 0
ما أسهل أن يحيا الإنسان فى حياة المحبة لفترة معينة0
لكن المهم أن يستمر ، لأن الرب قال لملاك كنيسة أفسس ( عندى عليك أنك تركت محبتك الأولى )
( رؤ 2 : 4 ) ولذلك قال الرب ( أثبتوا فى محبتى )
البدء سهل ، ولكن القوة فى الإستمرار 0 قال مار اسحق : كل تدريب لا تثبيت فيه ، يكون بلا ثمر
إن الشيطان إذا وجدك قد بدأت فى عمل روحى ، يبذل كل جهده لكى يمنعك عنه فلا تستمر فيه 0 ولذلك فإن عنصر الإستمرار فى العمل الروحى ، يحتاج منك إلى جدية وإرادة وعزيمة قوية وضبط نفس 000
والإستمرار يدل على صدق الرغبة فى الحياة مع الله 0 كما أنه يعطى الخبرة الروحية 0
ذلك لأن الإنسان كلما استمر فى فضيلة معينة ، فإنه يدرك بالوقت أبعادها وحروبها والمعطلات التى تقف أمامها ، وكيفية الإنتصار على كل ذلك 0 وبهذا تكون له خبرة بالطريق الروحى ، ودارية بحروب الشياطين فيه 0
ومن أجل هذا الإستمرار ، قال الرب ( من يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص ) ذلك لآن البدايات الطيبة ليست كل شئ ، فقوتها إنها تستمر حتى المنتهى ، حتى الموت 0
لذلك قال الرسول ( أنظروا إلى نهاية سيرتهم ، وتمثلوا بإيمانهم ، ( عب 13 ) فعظمة هؤلاء القديسين إنهم إستمروا فى الأمانة للرب إلى نهاية سيرتهم 0
إن بدأت فى عمل روحى ، ووجدت إنك لم تستمر فيه ، ابحث عن السبب وعالجه 0 ربما تكون قد بدأت بمستوى فوق طاقتك0 لذل قال القديسون ( عمل قليل مستمر ، خير من عمل كبير ينقطع بعد حين )
+ + +
+ تأتى إلى الكنيسة بإستعداد روحى خاص :
كانوا قديما يأتون ، وهم يتلون المزامير فى الطريق ، قائلين ( فرحت بالقائلين لى : إلى بيت الرب نذهب ) ( مساكنك محبوبة أيها الرب إله القوات : تشتاق نفسى للدخول إلى ديار الرب ) واحدة طلبت من الرب وإياها ألتمس : أن أسكن فى بيت الرب كل أيامى ) طوبى لكل السكان فى بيتك ، يباركونك إلى الأبد )
+ ويدخل الشخص إلى الكنيسة وهو يقول ( أما أنا بكثرة رحمتك أدخل إلى بيتك ، وأسجد قدام هيكل قدسك بمخافتك ) وهكذا يسجد فى خشوع ، ويجلس فى خشوع 000
+ ومن آداب احترام الكنيسة أنه لا يجوز أن يجلس إنسان فى الوقت الذى ينبغى فيه الوقوف 000
+ ولا يجوز لإنسان أن يدخل الكنيسة وفى يده جرائد أو مجلات ، والأسوأ أن ينشغل بهذه وتلك
+ ولا يجوز لأحد أن يرفع صوته ، بل إن تكلم لضرورة خاصة بالعبادة ، يتكلم بصوت خافت أو هامس 0
+ ولا ينشغل أحد بالنظر هنا وهناك ، بل يركز حواسه وذهنه أيضا فى الصلوات والتأمل والإستماع ويكون كمن هو وأقف أمام الله 0
+ وفى تلاوة المرادات والألحان ، لا يجوز لإنسان أن يرفع صوته فوق أصوات غيره ويغطى عليهم أو يختلف عنهم فى اللحن ويظهر كنشاذ 0
+ ومن الآداب اللائقة بالكنيسة ، أن يأتى الإنسان إليها بملابس محتشمة ، لائقة ببيت الله 0 كذلك من يتناولون ، ينبغى أن يخلعوا أحذيتهم ، والنساء يغطين شعرهن ، ولا يضعن مساحيق على وجوههن 0000
+ ولا يجوز لشخص أن يخرج من الكنيسة إلا بعد سماع البركة الأخيرة ونوال التسريح من الأب الكاهن ، وخصوصا فى يوم صلاة القداس الإلهى 0
+كذلك ينبغى أن يأتى الإنسان إلى الكنيسة مبكرا ، فالرب يقول ( الذين يبكرون إلى يجدوننى )
+ والذى يتناول ، من المفروض أن يحضر تحليل رفع بخور باكر ، أو على الأقل يحضر تقديم الحمل تحليل الخدام 0
+ لا يصح أن يزاحم الناس بعضهم بعضا فى الكنيسة ، أثناء التناول ، أو أثناء أخذ البركة 000 بل يتقدمون فى نظام ، ويقدم بعضهم بعضا 0000
+ والذى يمشى فى الكنيسة ينبغى أن يمشى بطريقة هادئة ، فلا يسرع ، ولا يجرى ولا يحدث صوتا
+ كذلك الكنيسة ليست مجالا للسمر والأحاديث 0 فمن غير المقبول أن يجتمع البعض معا فى ركن من الكنيسة للنقاش
+ وكتدريب لإحترام الكنيسة ، أن يدخلها الإنسان بخشوع فى أى وقت ، ولو فى غير وقت الصلاة
+ + +
+ مشكلة أيوب الصديق إنه كان رجلا بارا ، ويعرف عن نفسه أنه بار 0 لذل قال الكتاب عنه إنه :
( كان بارا فى عينى نفسه ) ( أى 32 : 1 )
ولعله لهذا السبب حلت عليه تجربته المشهورة 0
وظلت التجربة تحيط بأيوب الصديق ، خلال كونه بارا فى عينى نفسه 0 ولكن إرتفعت عنه التجربة حينما قال للرب ( ها أنا حقير ، فماذا أجاوبك ؟! وضعت يدى على فمى ) ( أى 40 : 4 ، 5 ) وأيضا ( قد نطقت بما لم أفهم ، بعجائب فوقى لم أعرفها 00 لذلك أرفض وأندم فى التراب والرماد ) ( مز 42 : 7 )
وحينما وصل إلى التراب والرماد ، رفعت عنه التجربة 0
+ قال الكتاب ( وعلى فهمك لا تعتمد ) ( أم 3 : 5 )
وقال أيضا ( لا تكونوا حكماء عند أنفسكم ) ( رو 12 : 16 )
+ وقال كذلك ( جاوب الجاهل حسب حماقته ، لئلا يكون حكيما فى عينى نفسه ) ( أم 26 : 5 ) 0
+ إن الله يريدنا أن نكون حكماء فى أعين أنفسنا ، لذلك دعانا إلى التلمذة وإلى المشورة 0 وقيل :
( الذين بلا مرشد ، يسقطون مثل أوراق الشجر )
ولذلك دعا الله إلى طاعة الكبار ، وإلى اٌلإسترشاد بهم ، مثل الوالدين ، والمرشدين الروحيين ، وبخاصة آباء الإعتراف ، كذلك الشيوخ الذين لهم خبرة السن الناضجة 0
لكى لا تكون حكيما فى عينى نفسك ، شاور غيرك 0 ولكى لا تكون بارا فى عينى نفسك ، تذكر خطاياك 0
إن البار فى عينى نفسه ، لا يقبل لوما من أحد ، ويرى نفسه باستمرار أنه على حق 0
وكل أخطائه يحاول أن يبررها أو يجد لها أعذارا ولا يعترف أبدا أنه قد أخطأ 0
لذلك هو يقع فى الكبرياء ، وفى العناد ، وفى كثرة الملاججة والجدال ، وفى الإفتخار الردئ 0
كما أنه يثبت على أخطائه ، لا يغيرها ، لأنه لا يعترف بها 0 وهو فى نفس الوقت يفقد معونة الله 0 وقد تتخلى عنه النعمة فيسقط ، ليشعر بضعفه 000
+ + +
نحن نصلى تنفيذا لأمر ، أو أداء لواجب 0
كلا ، فالصلاة هى تعبير عن الحب الذى فى قلب الإنسان نحو الله 0
الإنسان البار يحب الله ، ومن محبته له يفرح بأن يتكلم معه 000 تماما كما يكون بينك وبين صديق عزيز علاقة مودة 0 فأنت تكلمه وتتحدث إليه ، فى أى موضوع ، المهم أن تكلمه ، وكفى0
داود النبى ، رجل الصلاة المعروف ، هو مثال عملى لصلاة الحب
يقول للرب : ( كما يشتاق الأيل إلى جداول المياه ، كذلك أشتاقت نفسى إليك يا الله )
( عطشت نفسى إليك ) ( التحقت نفسى وراءك ) ( متى أقف وأتراءى أمام الله )
( مز 62 ، مز 5 ، مز 42 ) إنه يحب الله ويشتاق إليه ، 00 لذلك يصلى 0
إن كنا نصلى ، فذلك لأننا نشعر بهذا الحب نحو الله
وبينما تبدو الصلاة ثقيلة يمكننا فى نفس الوقت أن نقف مع أصدقائنا بالساعات نتكلم ولا نمل لأن بيننا وبينهم حبا 0
الصلاة إذن هى حب ، وهى صلة مع الله كما يبدو من إسمها 0 هى التصاق بالرب ، وهى رفع القلب والفكر إلى الله
هناك أشخاص لا يصلون إلا ليطلبوا من الله شيئا 0 فإذا لم يوجد شئ يطلبونه أمتنعوا عن الصلاة ، كأن المنفعة الشخصية هى الدافع لهذه الصلة مع الله !ّ وهؤلاء يوبخهم القديس باسليوس بقوله
( إذا وقفت لتصلى ، فلا تبداء صلاتك بالطلب ، لئلا يظن أنه لولا الطلب ما كنت تصلى ! )
ثق أن جميع احتياجاتك ستأتيك دون أن تطلب 00 ولتكن صلاتك لا طلبا بل حبا 00
المسيح إلهنا عندما كان يصلى ، ماذا كان يطلب ؟ كان يقضى الليل كله فى الصلاة ، ولم يكن محتاجا إلى شئ ، فكل شئ فى قبضة يديه أليس هو القائل ( كل ما للآب هو لى ) صلاته إذن كانت حبا ، كانت تعبيرا عن الحب الذى بينه وبين الآب 0
والإنسان عندما يحب الله يحب ملكوته ،
فيطلب أولا ملكوت الله وبره ( متى 6 : 33 ) وبهذه الطلبات تبدأ الصلاة الربية : لتقدس اسمك ، ليأت ملكوتك ، لتكن مشيئتك ) ( خبزنا الذى للغد ، اعطنا اليوم ) الخبز السماوى ، الذى لمستقبلنا الأبدى ، الخبز الروحى ، جسدك ودمك ، أعطنا اليوم 0 إنها طلبة مبنية على الحب0 أعطنا يارب ذاتك ، لأننا بك نتغذى ، أعطنا كلامك الحلو لأننا نحيا بكل كلمة تخرج من فم الله 0
أما أنت يا أخى ، إن كنت لم تصل بعد إلى الصلاة التى كلها حب فاطلب من الله ما تريد : كن صريحا مع الله 0 افتح له قلبك وحدثه بكل ما فيه 000
وإن لم يكن فيك هذا الحب ، صلى لكى يعطيك الرب إياه 0 قل له باستمرار
( أعطنى يارب أن أحبك )
من الصعب أن نقول كلام واحد لكل واحد 00
فكل شخص له ما يناسبه ، وما يناسب ظروفه 0
وأنت نفسك ، ربما يعوزك اليوم تدريب معين ، وقد يعوزك عكسه غدا 00 أو بعد ساعة 00
ربما يلزمك – فى هذه المناسبة بالذات – أن تصمت 0 وقد يلزمك جدا فى مناسبة أخرى أن تتكلم ، وتشعر فى أعماقك أنك ستدان على صمتك ، إن صمت !
إنسان لا يحسن الكلام ، أو أن كلامه يفهم على عكس المقصود منه ، أو يؤول فى ظروف معينة 0هذا يصلح له تدريب الصمت 0 وإنسان آخر مطالب بالشهادة للحق : إن صمت ، يكون صمته خطيئة 0
لذلك لا تقرأ كل كلام ، فتنفذه بدون تفكير ! إنما خذ منه ما يناسبك ، واترك الباقى لغيرك
وقد يأتيك إنسان يائس من خلاصه ، فتخفف عنه ، وتشرح له أن كل خطاياه لا شئ إلى جوار رحمة الله ومحبته 0 فإن رأيته ، أو رأيت غيره قد استهتر ، أستغل طول أناة الله فتحول إلى اللامبالاة ، حينئذ تكلمه عن بشاعة الخطية ، وعدل الله الذى يحاسب على كل شئ
وهكذا تعيد قول الرسول ( هوذا لطف الله وصرامته 000 ) ( رو 11 : 22 )
إذن للطف وقت ، وللصرامة وقت آخر 00
والحكيم يستخدم كلا منهما فى موضعه ، حيثما يناسب 0
الوداعة إذن لها وقت يناسبها ، والحزم له وقت يلزمه 0
والإنسان الحكيم لا يستخدم الحزم حين تلزم الوداعة ، ولا الوداعة حين يحبب الحزم 0 ولا تكون حياته واحدا منها بغير الآخر 0 فالشخصية المتكاملة تجمع الأمرين 00
وأنت فى حياتك ترى ألوانا من الطبائع ، وعديدا من الحالات وتحتاج فى المعاملة مع هذه المتناقضات ، إلى حكمة تدرس بها الحالة ، تتخير لها ما يناسبها ، إن حزما أو لطفا ، صمتا أو كلاما 000
كذلك حينما تقرأ 0 أقرأ فى حكمة وافراز ، حسبما يناسب طبيعتك وظروفك ، ولا تنفذ إلا بوعى 00
+ + +
فى فترة الصوم يليق بك أن تتدرب على ضبط النفس ، كما تدرب نفسك على ضبط جسدك 000
+ ضبط النفس يظهر واضحا ، حيثما تمنع ذاتك عن شئ تشتهيه ،أو تنفعل به ، فلا تستسلم لشعور معين أو لدافع داخلى إنما تحكم ذاتك وكما قال الحكيم :
( من يحكم نفسه خير ممن يحكم مدينة )
+ يمكنك أن تحاول كمثال ، أن تضبط نفسك فى وقت الغضب 0000
وتضبط قلبك فى الداخل من الحقد والغيظ والكراهية ، وتضبط لسانك من الإدانة ومن الحدة والعصبية والألفاظ الشديدة والقاسية 000
+ كذلك يمكنك أن تضبط نفسك من الإنفعال والتسرع والإندفاع ، وتحاول أن تهدئ نفسك ، فلا تتكلم بسرعة ، أو تبدى رأيك بسرعة ، ولا تقاطع غيرك فى حديثه ، ولا تصدر حكما دون التأكد من صحته أولا 0000
+ يمكن أن تضبط نفسك فى أية شهوة تخطر على قلبك ، وتشتاق إلى تنفيذها ، فلا تستلم لكل رغبة تأتيك ، وإنما تتحكم فى مشاعرك ، وفى أهوائك ، وفى رغباتك ، وفى غرائزك وكل نزواتك 0 لا تجعل رغباتك تتحكم فيك ، وإنما أنت الذى تتحكم فيها ، تخضعها للعقل وللروح 000
+ أضبط نفسك أيضا فى الدفاع عن كرامتك ، أو فى الإنتقام لنفسك 0 وتذكر قول الرسول
( أطلب إليكم أيها الأقوياء أن تحتملوا ضعف الضعفاء ) 000
+ أضبط نفسك من جهة أفكارك ، بأى شئ تتعلق 0 فإن كانت تفكر فى ما لا يليق ، أو فى التافهات حاول أن توقفها ، وأن تحول تفكيرك إلى مجرى آخر 0
+ أضبط حواسك ، وبخاصة سمعك وبصرك ، فلا تسمح لنفسك أن ترى أو تبصر شيئا غير لائق 0
+ أضبط نفسك أيضا فى وقت الصلاة ، بحيث لا تشرد أفكارك وبحيث لا تقف بطريقة غير خاشعة أمام الله 0
+ حاول أن تضبط نفسك من جهة الوقت ، فلا تسمح أن يضيع وقتك فى متع يكون وقتك أثمن منها إن ضبط نفسك تماما ، تكون قد نجحت فى صومك 0
+ + +
إن الله هو الحق 0 وقد قال عن ذاته ( أنا هو الطريق والحق والحياة ) ( يو 14 : 6 ) وقال أيضا
( وتعرفون الحق ، والحق يحرركم ) (يو 8 : 32 ) وقال الكتاب عن الروح القدس أنه
(روح الحق ) ( يو 15 : 26 )
لذلك إن سرت فى طريق الحق ، فأنت فى طريق الله 0وإن قلت ( كلمة الحق ) ( 2تى 2 : 15 ) فأنت تقول كلمة الله 0
وإن بعدت عن الحق ، فكرا أو لسانا أو تصرفا ، فإنما أنت فى ذلك تبعد عن الله 000
البعض يبعدون عن الحق ، بسبب الجهل ، وهؤلاء هم أخف المبتعدين 0 بالتوعية والمعرفة يرجعون إلى الحق ، مادام القلب سليما من الداخل ، والعقل هو السبب 000
والبعض يبعدون عن الحق ، أو يقولون غير الحق ، خوفا من الناس ، أو خجلا منهم ، أو ضعفا أمامهم ، أو تملقا لهم 0 وهؤلاء يحتاج قلبهم أن يتطهر والبعض يقول غير الحق ، سترا لأنفسهم كالذين يخفون أخطاءهم بالكذب أو الرياء 0 ولا شك أن هؤلاء تلزمهم التوبة ، والتخلص من الخطايا التى تعطونها 00
والبعض يقول غير الحق تعصبا لصديق يريد أن يحميه ، أو كيدا لشخص آخر قلبه يكرهه ، كمن يشهد شهادة زور ، أو يلفق تهما ، ليؤذى غيره 0
إذن فالكراهية يمكن أن تبعد الإنسان عن الحق ، وكذلك الحب الخاطئ يبعده عن الحق أيضا 0
الإنسان الروحى ، هو إنسان حقانى ، يعطى كل شخص حقه ، بلا ظلم ، وبلا تحيز لأحد 00
والإنسان الحقانى أيضا يكون عادلا ، حتى فى الحكم على نفسه ، لا يجاملها على حساب الحق 0
والذى يحب الحق ، لا يختفى وراء الألفاظ ، أى لا يقول ألفاظا يمكن إن ظاهرها يبدوا حقا ، ولكنه يريد بها أن يفهم السامع غير الحقيقة !
والذى يحب الحق ، لا يقدم أنصاف الحقائق بطريق خداعة ، وإنما يقول الحق ، كل الحق 000
ترى فى أى نوع من كل هذا ، تضع نفسك ؟
+ + +
نظرة الناس إلى الخطأ والصواب ، وتوجيهها وحكمها ، تختلف من شخص إلى شخص إلى آخر ، حسب إتضاع القلب أو كبريائه 0
فالإنسان المتضع ، يركز بحثه حول أخطائه الخاصة 000
وإذا توجه باللوم ، فإنه لا يلوم إلا نفسه 000
أما غير المتضع ، فلا تشغله سوى أخطاء الآخرين
تشغل كل فكره ، وكل حماسه وكل اهتمامه 00 وربما تشغل أيضا كل وقته وكل طاقاته 00
إنه ينصب نفسه رقيبا على الناس ، يرقب ويحاسب ، ويشغف بمنصب القضاء ، فيقيم نفسه قاضيا ، يصدر أحكامه 00
وإن لم يجد أخطاء للآخرين ، فإنه يتخيلها ، بسوء الظن
والشك ، وعدم الثقة بالناس ، والقسوة فى الحكم ، واستعداد قلبه لسماع ما يسئ إلى غيره مهما كان بغير حق !
وقد يظن أن إدانته لغيره على ما يرام خاطئا فيهم ، إنما يجعله هذا فى مستوى أعلى منهم ، كما لو كان يفهم ما لا يفهمون ، ويحسن تدبير الأمور بغير ما يتدبرون 000 فهو أعلى فكرا وفهما وتصرفا وتدبيرا 000 !
وفى كل ذلك ، ينسى نفسه 000
إنه دائما يلوم ، ولا يمكن أن يقبل اللوم 0
يعتب ولا يقبل العتاب 0 ينتقد ولا يقبل النقد 00
نفسه بلا خطيئة ، كاملة فى عينيه 000
لهذا من الصعب على غير المتضع أن يتوب ! فعلى أى شئ يتوب ، وهو لا يرى خطأ فى نفسه ؟!
من الصعب على غير المتضع أن يقبل نصيحة 0 فما الذى يفهمه الناس أكثر منه ، حتى ينصحوه به
كانت التجربة التى أصابت أيوب الصديق ، بسبب أنه ( كان بارا فى عينى نفسه ) ( أى 32 : 1 )
ولهذا يقول معلمنا القديس بولس الرسول :
( لا تكونوا حكماء عند أنفسكم ) ( رو 12 : 16 )
ويقول سليمان الحكيم ( على فهمك لا تعتمد 00 لا تكن حكيما فى عينى نفسك ) ( أم 3 : 5 ، 7 )
سعيد هو الإنسان الذى يدين نفسه فى كل شئ 0 والذى يهتم بأبديته ، لا بالحكم على الناس 00
+ + +
ليس المهم فى حياتك أنك تصلى ، إنما المهم حقا هو : طيف نصلى ؟
هل صلاتك مجرد ترديد لألفاظ ، أم هى صلة حقيقية عميقة بالله ، تشعر بها إنك تنعم بوجوده معك ، وإنك تكلم كائنا تحسه تماما وتوقن إنك واقف أمامه 0
ليس المهم إذن الفاظ الصلاة ، بقدر ما تدركه أنت من فهم وعمق هذه الألفاظ ، وبقدر ما تختلط بها من مشاعر روحية ، تدل على أنك تعنى ما تقول 000
اسأل نفسك إذن ، وبخاصة فى هذه الفترة المقدسة من الصوم ، كيف تصلى ؟ وهل تشعر أن صلاتك قد صعدت إلى فوق ، وقد دخلت إلى حضرة الله ، وقد سمعت لها فى قلبك إستجابة خاصة ؟؟
هل صلاتك مملوءة بالحب ، بحيث إنك مدفوع بهذا الحب إلى الصلاة ،
ولست مدفوعا بمجرد الواجب 0000
وهل قلبك متصل بالله أثناء الصلاة ، بكل عواطفه ، وبكل إشتياقه ، وبكل إنفعالاته ؟ ولست مثل أولئك الذين قال عنهم الرب
( وهذا الشعب يعبدنى بشفته ، قلبه فمبتعد عنى بعيدا 00 )
وهل صلاتك مملوءة أيضا بالخشوع وبانسحاق القلب 0
أنت فيها تدرك من هو الذى تكلمه 000 إنه غير المحدود فى كل كمالاته ، القادر على كل شئ ، الخالق ، الذى تجثو له كل ركبة ، ما فى السماء وما على الأرض ، الذى ما أنت سوى تراب وهباء قدامه ، لكنه من فرط تواضعه قد دعاك إبنا 000
وهل صلاتك فيها روح الإيمان ؟
وهل صلاتك بعيدة عن الذات ، مركزة فى الله 000 ؟
على قدر إمكانك تحاول فيها أن تركز فى الله وفى صفاته الحلوة التى تأسر قلبك ، وفى ملكوته وسمائه ، وملائكته ، ووعوده ، وعشرته ، وحبه 0000
وهل إذا صليت ، لا تود أن تترك الصلاة ، وتشتاق لو أنك بقيت فيها أبدا ، وصارت حياتك صلاة ؟
+ + +
منذ الخطية الأولى ، وقبل طرد أبوينا الأولين من الجنة ومنحهما الله رجاء فى الخلاص ، وقال لهما إن نسل المرأة سيسحق رأس الحية 0 وكان هذا مبدأ الرجاء 000
إن مثال مريم المجدلية ، يعطى لنا نموذجا من الرجاء ، هذه التى كان فيها سبعة شياطين
( مز 16 : 9 ) وإذا بها تصبح قديسة كبيرة ، استأمنها الرب على تبشير تلاميذه بالقيامة 0 وكانت مع العذراء حول الصليب 000
بل مثال يونان النبى ، يعطينا نفسى الرجاء 0000
من كان يظن أن إنسانا ابتلعه حوت عظيم ، وفى بطن الحوت يركع لله ، ويقول ( أعود أبصر هيكل جسدك )
إنه الرجاء ، فى الخلاص حتى من بطن الحوت 0
إن مثال المجدلية ، ومثال يونان ، يذكرنا أيضا بالثلاثة فتية فى أتون النار ، ودانيال فى جب الأسود ، كلها أمثلة للرجاء 0
فى الحياة مع الله ، لا مستحيل 0 هناك رجاء مهما كانت الخطية ، ومهما كانت الضوائق ، ومهما كان الأمر صعبا 0
فى الحياة الروحية ، ما أجمل قول الكتاب فى الرجاء :
( كل شئ مستطاع للمؤمن )
( أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى )
إن حوربت بعدم الرجاء من جهة قدراتك الشخصية ، فإنك لا يمكن أن تحارب من جهة قدرة الله
إن كنت أنت لا تستطيع ، فإن الله يستطيع :
حتى إن كنت لا تطلبه ، فإنه هو يطلبك ، كما طلب الإبن الضال والدرهم المفقود ، ويقف على بابك يقرع لكى تفتح له 0 ما أعظم هذا الرجاء ، إن الله يطلبك ، وإنه لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا 00
إن الشيطان ، فى إلحاح شديد ، لا يفقد رجاءه فى هلاك أقدس القديسين ، ويظل يحاربه ، فكم بالأولى يكون رجاؤنا نحن فى تخليص الله للخطاه 00
إن الله أعطانا رجاء ، فى أحداث ذكرها الكتاب 0
مثل المعجزات العديدة ، كإقامة الموتى مثلا ، حتى الذى دفن من أربعة أيام ، وقيل إنه قد انتن 0
إن أكبر حرب يحاربنا بها الشيطان ، هى قطع الرجاء 0
ما علاقتك بالروح القدس منذ مسحت بالمسحة المقدسة فى سر الميرون بعد عمادك ؟
هل تشعر أن جسدك هيكل الروح القدس ، والروح القدس يسكن فيك ، ويعمل فيك ؟
هل دخلت فى شركة الروح القدس ( 2كو 13 : 14 ) التى يذكرها الأب الكاهن فى صلاة البركة ؟
هل روح الله يشترك فى كل عمل ؟
أم أنت تعمل وحدك ، بغير روح الله ، مستقلا بفكرك وإرادتك وتدبيرك ورغباتك الخاصة ؟
هل عمل الروح فيك يعطيك حرارة ، سواء فى صلواتك ، أو تأملاتك ، أو خدمتك ، أو محبتك لله وكنيسته وملكوته ؟
هل أستطعت أن تصل إلى تنفيذ وصية الرسول التى يقول فيها ( امتلئوا بالروح ) ( أف 5 : 18 )
هل روح الله هو الذى يتكلم على فمك ، حسبما قيل ( لستم أنتم المتكلمين بل روح أبيكم )
( متى 10 : 20 ) ؟
إن كان كذلك ، فثق أن كلماتك ستكون لها قوتها وفاعليتها وتأثيرها فى قلوب سامعيك 000
أم أنت تتكلم من ذاتك لا يفتح الروح فمك ؟
هل لك ( ثمار الروح ) التى تحدث عنها القديس بولس الرسول فى ( غل 5 : 22 ) حيث قال
( وأما ثمر الروح فهو محبة فرحة سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف ) أما أنا حياتك بلا ثمر ، أم أنت تشتهى مواهب الروح ، دون أن يكون لك ثمر الروح ؟!
هل تشعر أحيانا أنك ( تحزن الروح ) ( أف 4 : 30 ) بتصرفات معينة لا تتفق وسكنى الروح القدس فيك 0
وهل أنت ( تطفئ الروح ) ( 1تس 5 : 19 ) بحياة الفتور ، وبعدم الإستجابة لعمل الروح فيك ؟!
ليتك تعيد تقييم مدى علاقتك بالروح القدس ، وتسأل :
هل حياتك حياة روحية ؟ هل ألفاظك ألفاظ روحية ؟
+ + +
أكثر شئ يتعب الناس فى روحياتهم ، عدم الثبات 0
كأن يتوب إنسان ، أو يظن أن يتوب ، ويعترف ويتناول 0 ثم يرجع إلى خطيته كما كان ، دون ثبات فى التوبة 000 ومشاعر الندم التى كانت عنده لا تثبت 0 كذلك رغبته فى الحياة مع الله 0
إن الذين يسلكون هكذا ، ليست لهم علاقة مستمرة بمحبته ولا بملكوته ، إنما هم يعرجون بين الفرقتين 0
فى يوم يعبدون الرب فى خيمة الإجتماع ، ويوما آخر يسجدون للعجل الذهبى 0 يسيرون شهورا مع الرب تحت السحابة ، وفى وقت آخر يتذمرون ويبكون ، ويقولون ليتنا كنا فى أرض مصر إلى جوار قدور اللحم 000
يأكلون الفصح مع المسيح ، ويتفقون مع الكهنة على تسليمه 0
يقولون للرب ( ولو أدى الأمر أن نموت معك ) وبعد ساعات ينكرونه أمام جارية ثلاث مرات 0
إن عنصر عدم الثبات يتعب الحياة الروحية ويخلخل قوتها إن استمرت حالة المرء هكذا 0
وعدم الثبات فى الحياة الروحية ، له أسباب متعددة :
قد يرجع إلى أن الحياة الروحية غير مبنية على الحب ، أو هى مجرد شكليات من الخارج ، ليس لها أساس فى أعماق النفس وفى اقتناع الفكر 000
وقد يكون السبب فى العلاقة مع الله خوفا طارئا ، مضت مدته وانتهى ، أو حرارة طارئة فترت بعد حين ، أو بأثر وقتى زالت